الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الأعراض النفسية التي أعاني منها، فأنا أغار من نجاح الآخرين؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من القلق والتوتر، والخوف أحيانا، وعدم التركيز في بعض الحالات، فمثلا أتدرب الآن على القيادة فأرتبك كثيرا وأتوتر جدا، حتى أنني رسبت في الفحص العملي من التوتر، كيف أتخلص من التوتر؟ وهل هناك دواء يساعدني؟ كما أنني أعاني أحيانا من الرهاب الاجتماعي، وأرتبك من الكلام وسط مجموعة كببرة من الناس، وأخجل منهم، وأحيانا لا أستطيع الرد عليهم ومواجهتهم.

كما أنني أعاني من الاكتئاب الشديد قبل موعد الدورة بأسبوعين وأحيانا بأسبوع، حيث أنني أصبحت عصبية جدا، ولا أطيق محادثة أحد، وتحدث مشاكل بيني وبين زوجي بسبب تدهور نفسيتي، وأصبحت مزاجية جدا، وأفكر بالأمور السلبية حينها، فهل هذا طبيعي أم أنه نوع من أنواع الاكتئاب؟

ولأني حاليا لا أعمل وزوجي مسافرا، أشعر بفراغ كبير وهذا يعكر صفو مزاجي أكثر، وأفكر كثيرا بالمستقبل والرزق، وأطمح لأن يكون لي عملي الخاص لأستفيد منه ماديا، وأحاول البحث عن عمل مناسب لي فلم أجد حاليا.

كما أني أشعر بالغيرة أحيانا من نجاح الآخرين، وأنا مكاني لا أتطور، ليس لدي عمل الآن وزوجي مسافر، وليس لدي أطفال، ما نصيحتكم لي مع دواء يناسب حالتي إن وجد؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ بيان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختي الكريمة: إن ما تعاني منه يسمى "الرهاب الاجتماعي" وهو حالة من الخوف والذعر تصيب الإنسان عند تفاعله مع الأشخاص المختلفين في المجتمع، وتكون حالة الخوف المرتبطة بالرهاب الاجتماعي ناتجة عن الذعر من تلقي الأحكام من هؤلاء الأشخاص، أو نظرة الأشخاص السلبية، أو الخوف من شعور الرفض.

ومن الأسباب المحتملة لحدوث الرهاب الاجتماعي:
- الصفات الموروثة: تميل اضطرابات القلق إلى الانتشار بين أفراد الأسرة الواحدة على الرغم من ذلك، ليس من الواضح تمامًا كم من هذا يمكن إرجاعه إلى الجينات وكم يمكن إرجاعه إلى السلوك المكتسب.

- بنية الدماغ: يمكن أن تؤدي إحدى بنى الدماغ التي تُسمى اللوزة الدماغية دورًا في التحكم في استجابة الخوف، قد يكون لدى الأشخاص الذين لديهم فرط في نشاط اللوزة الدماغية استجابة مرتفعة للخوف الأمر الذي يؤدي إلى زيادة القلق في المواقف الاجتماعية، وظهور أعراض تدل على القلق والخوف والتوتر مثل التعرق، وجفاف الحلق، واحمرار الوجه، وتسارع ضربات القلب والرعشة.

- البيئة: قد يكون اضطراب القلق الاجتماعي سلوكًا مكتسبًا، قد يُطور بعض الأشخاص الحالة بعد موقف اجتماعي مزعج أو محرج أيضًا، وقد يكون هناك ارتباط بين اضطراب القلق الاجتماعي والآباء الذين يسلكون سلوكًا قلقًا في المواقف الاجتماعية، أو مفرطين في حماية أطفالهم.

فيما يلي مجموعة من الإرشادات العملية التي سوف تساعدك بمشيئة الله في التخلص مما تشعرين به:
- لا تحاولي تجنب المواقف التي تثير أعراض اضطرابك مهما بدا الأمر صعبًا أو مؤلمًا في بدايته، بل احرصي على مواجهة ذلك النوع من المواقف بصفة منتظمة، فاستمرارك يعني تقوية مهارات التكيف لديك وتعزيزها، وهذا سوف يساعدك في التخلص من مخاوفك.

- انتبهي إلى عدد مرات حدوث المواقف المحرجة التي تخافين مواجهتها، يمكنك ملاحظة أن الأحداث التي تخافين وقوعها لا تقع بالفعل.
- تحدثي مع نفسك من خلال سؤالها: لماذا أخاف؟ وهل ردود فعلي بحجم الموقف المخيف؟
- احصلي على قسط وافر من النوم في الليل، وابتعدي عن السهر، وقللي من المنبهات مثل القهوة والشاي.
- احصري المواقف التي يرتفع فيها مستوى القلق والخوف لديك وقومي بترتيبها من الأكثر تأثيراً إلى الأقل تأثيراً.

- ابدئي الآن باختيار مشكلة واحدة وابدئي بتطبيق استراتيجية "لإزالة الخوف" وصولاً إلى المواجهة من خلال:

(أ‌) استرخِ على سرير في مكان هادئ.

(ب‌) تخيلي المشكلة التي ستواجهك، وسَتُحدث فيك القلق والخوف.

(ت‌) أغمضي عينيك وتخيلي الموقف الذي تصفينه.

(ث‌) تصوري الموقف يحدث وتخيلي أنك هناك فعلاً.

(ج‌) عندما تفعلين الخطوة (ث) فأنت ستشعرين ببعض القلق والخوف.

(ح‌) إذا حدث ذلك أوقفي المشهد التخيُّلي حالاً.

(خ‌) استرخ وأريحي عضلات جسمك.

(د‌) ارجعي وتخيلي المشهد ثانية، وإذا شعرت بالتوتر والقلق، أريحي ذهنك.

(ذ‌) كرري الخطوات السابقة للمستوى الذي تستطيعين فيه تخيُّل المشهد دون أن تشعري بالقلق.

بذلك الأسلوب تستطيعين أن تُخفضي من مستوى القلق والتوتر.

- عندما تخافين من موقف ما حاولي أن تسترخِ أو تكوني هادئة فبذلك تكوني قد استخدمت استجابة تتناقض مع الخوف، والاسترخاء يخفف من التوتر بالتدريج، وفكري كيف أنت عليك أن تتصرف لا أن تفكري في ردة فعل الطرف الآخر.

- قَدِري الموقف المخيف فلا تمنحي الموقف "خوفاً" أكثر مما يستدعي، فإذا قمت بعملية تقييم الموقف فإن ذلك سوف يساعدك على التصرف السليم بقدر ما يستدعي الموقف، وهذا ما حدث معك في اختبار القيادة، لو أنك هيئتِ نفسك مسبقاً لكان الاختبار أسهل عليك، والتهيئة تكون بالاستعداد العملي، ومشاهدة العديد من الأشخاص وهم يختبرون الاختبار العملي أمامك، ومشاهدة الناجحين والراسبين هذا كله يخفف من توترك وخوفك.

- بالنسبة للكلام مع الآخرين، احرصي على أن تنظري في أعين الآخرين وتردي تحيتهم، أو بادري أنت بالترحيب وإلقاء التحية.

- إذا تعرضت بالفعل لأحد المواقف المحرجة، تذكّري أنك ستتجاوزين ما تشعرين به، وستنجحين في التعامل مع ذلك، فالأشخاص المحيطين بك لا يلاحظون أو لا يهتمون كثيرًا كما تظنين، أو أنهم أكثر تسامحًا مما تفترضين.

- اصغي جيداً لمن يتكلم معك، ولا تقاطعيه، وتوصيل الفكرة المناسبة يجب أن يتم في الوقت المناسب وإلا ضاعت قيمة الفكرة، وأثناء إصغاؤك لحديث شخص ما عليك أن تبدي اهتماماً لما يقوله، واحرصي على التواصل بصرياً معه، واعملي على تلخيص النقاط الجوهرية في دماغك لكي تتمكني من الرد عليه بطريقة مباشرة تُحاكي صلب الموضوع، وهذا يجنبك الدخول في دائرة التشويش أو نسيان ما قاله ذلك الشخص.

- الاطلاع على ثقافات متنوعة، ومتابعة مجريات الأحداث في العالم.

- عندما تتكلمين، نظمي أفكارك الرئيسية التي يجب أن تتحدثي عنها، ولا تخرجي من موضوع إلى موضوع آخر إلا بعدما تشعرين أن الموضوع الأول قد انتهى فعلاً.

- الاسترسال بالحديث، عليك التحدث بشيء يهم من يجلس معك، ولا تكتفي بالإجابة بكلمة واحدة إذا كان السؤال يتطلب منك الإسهاب والشرح، فالاختصار يوحي للطرف الآخر أنك لا تريدين الحديث معه، أو أنك شخص غير اجتماعية، مما يجعله يتجنب الحديث معك ثانية.

- بالنسبة للاكتئاب الذي يسبق حدوث الدورة الشهرية فعلى الأغلب سببه التغيرات الهرمونية التي تحدث أثناء الدورة الشهرية للمرأة، وللتخفيف من حدة المشاعر السلبية والاكتئاب، ننصحك أولا: مراجعة الطبيب ليصف لك، مضادات الأكتئاب: فمضادات الاكتئاب هي الخيار الأول لعلاج اكتئاب ما قبل الدورة الشهرية.
ثانياً: إن ممارسة التمرينات الرياضية بانتظام يمكن أن تعمل على تحسين المزاج والحد من هذه الأعراض.
ثالثا: التغيرات الغذائية: ففي الأسبوع المسبق للدورة عليك أن تتناولي المزيد من الكاربوهيدرات (كالحبوب الكاملة والخبز والبروتين)، وأيضا عليك الحد من الكافيين والسكر والملح، وأيضا الكحوليات.

رابعاً: المكملات الغذائية: فتناول فيتامين (B6)، فيتامين (E)، الكالسيوم والمانجنيز يمكنهم العمل على الحد من تلك الأعراض، ولكن عليك التحدث إلى الطبيب لمعرفة مدى استفادة جسمك بهذه المكملات من عدمه.

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً