الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أعرف وأختار الشريك المناسب لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري ٢١ سنة، طالبة ماجستير فيزياء، ملتزمة والحمدلله، محبة للعلم الديني والدنيوي، وذات طموح كبير.

منذ سنة تمت خطوبتي من شاب عمره ٢٤ سنة من أقربائنا، كنت أرفض أولا الفكرة ثم وافقت بسبب إعجابي ببعض الصفات، كتحمله المسؤولية، وأنه ذو خلق، وبار بوالديه، لكنه أقل مني في المستوى العلمي والديني أيضا، ومستواه المادي قليل، إضافة إلى أن منزله وعمله موفرين من قبل والده، وأنه يدخن الأرغيلة كما هو شائع في مجتمعنا، ورغم أني لا أطيق من يدخنون رجحت الصفات الإيجابية، الآن وبعد مرور عام على خطبتنا عرفت أنه كثير الزعل (يبتعد لعدة أيام) من أقل الأشياء مما يزعجني بشدة، وأنه قليل العلم بكثير من جوانب الحياة، وغير طموح، لكنه يدعمني بأفكاري ونجاحاتي.

هذا كله مع اختلاف المستوى الديني والعلمي بين أهلي وأهله يشعرني بالقلق الشديد وإعادة حساباتي في القبول، أخاف أن أظلم نفسي بالبقاء أو أن أظلمه بفسخ الخطوبة.

أرجو منكم مساعدتي وإرشادي إلى القرار الصحيح، فمسائل الخطوبة والزواج من الشريك المناسب تتعبني بشدة، خصوصا أني كنت مخطوبة من قبل بعمر صغير (١٧ سنة) وفسخت الخطوبة لقلة أخلاق الشاب.

آسفة على الاطالة، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نانسي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نُرحب بك أجمل ترحيب.

غاليتي، لاختيار شريك الحياة المناسب دور مهم في تحقيق السعادة والتعايش بين الزوجين لذلك لا بد من أن يكون قرار الاختيار صحيحا؛ لأنه سيؤثر كثيراً على الحياة المستقبلية، طبعاً مع وضع خط كبير تحت جملة لا للمثالية وللكمال المطلق.

بنيتي: إن من أهم معايير اختيار الشريك هو شعور الطرف بالرضا والقبول له، ولا أقصد بذلك التغاضي عن وجود بعض الزلات والعيوب غير المستعصية ولكن بالمقابل تقبلها وتقويمها قدر الإمكان.

القدرة على التواصل الجيد مع الشريك أمر مهم جداً لأنه للعلاقات، وهو المعبر لتوطيد علاقة الشريكين كالتوافق والانسجام العاطفي، بالإضافة إلى التوافق الفكري والثقافي والعلمي والاجتماعي أيضاً؛ لأن وجود الاختلافات في هذه الأمور ستسبب فجوة كبيرة بين الشريكين قد تقود إلى مشكلات لا نهاية لها، بدءاً من الاهتمامات المشتركة مروراً بطبيعة العلاقة مع المحيطين والمجتمع وصولاً إلى أساليب تربية الأطفال، النضج والمسؤولية أمران أساسيان.

وبناء على ما ذكرته بالاستشارة أقول لك -بنيتي- الآتي:

أنت لست مقتنعة بشخصية الخاطب، وتشعرين أنك أفضل منه في المستوى التعليمي والديني، بما في ذلك أنك غير راضية عن بعض التصرفات، بالإضافة إلى عدم انسجامك معه في أسلوب الحوار والنقاش، مما جعلك حائرة ومترددة وتبحثين هنا وهناك عن أي عثرة فيه.

فالزواج -يا بنيتي- هو كما شرعه الله -عز وجل- لنا ليحقق السكينة والراحة النفسية والاستقرار العاطفي، وأنت لم تستقري لغاية الآن في اتخاذ القرار، ولم يكن لديك الشجاعة إلى الحسم.

ومما يبدو لي أنك مترددة جدًا جدًا في إتمام هذا الزواج، رغم أنك وافقت عليه منذ البداية وقلت لنا: "وافقت بسبب إعجابي ببعض الصفات، كتحمله المسؤولية، وأنه ذو خلق، وبار بوالديه"، وأما التكافؤ الاجتماعي ليس على ما يرام بينكما، والشارع الحكيم وضع ضوابط للزواج، ومنها التكافؤ الاجتماعي من الناحية التعلمية والمادية، ومن الأمور التي من حقك التركيز عليها، ولكنك وبعد مرور عام على الخطبة لم تصلي إلى قناعة 50 بالمئة بهذا الخاطب.

أود أن تسألي نفسك: لماذا انتظرت كل هذه الفترة؟

أما بالنسبة لاختفائه لأيام عندما يكون مزاجه سيئاً فلا بد أنّ تعلمي أنّ النجاح في الحياة الزوجية لا يكفي له الذكاء الذهني إذا لم يتصل بالذكاء العاطفي، الذي هو عبارة عن قدرات ومهارات مرتبطة بالتعايش مع ظروف الحياة عملية كانت أو اجتماعية أو عاطفية.

أما بالنسبة إلى شرب (الأركيلة) فهذا أمر أيضاً يجب الوقوف عليه تكون مفتاحاً لما بعدها، وقد تكون مؤشراً ليس بالطيب، لذلك فاتحيه بهذا الموضوع وأعطي رأيك به.

وتذكري قول الحبيب المصطفى حين قال: "فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من أن يكون لك حمر النعم" الحديث في الصحيحين.

اجلسي بينك وبين نفسك جلسة هادئة، وبهدوء أنظري إلى الإيجابيات والسلبيات الموجودة عند خطيبك ثم وازني بينهما، ركزي على الصفات الجوهرية وفيما لديه وفيما ينقصه، ووازني الأمور بعقلك وقلبك، واعلمي بنيتي لا يوجد إنسان كامل ولا يوجد من يحمل كل الصفات المطلقة وكل منا له عيوب ونقاط ضعف.

صلي صلاة الاستخارة، والاستخارة تتطلب النية السليمة في أمر الزواج، والمهم والأهم أن تطلبي من الله أن يختار لك ما فيه الخير.

أسأل الله أن ييسر لك أمورك لما فيه الخير والصلاح، وأنّ ينور بصيرتك ويرزقك الحكمة -يا نانسي-.

طمئنينا عنك غاليتي.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً