الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حياتي انقلبت بعد زواج الشاب الذي صددته!

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة جامعية، صادفني شاب وحاول بكل الطرق تعليقي به فصددته بشدة؛ لأن ظروف منزلي لم تكن تتحمل آنذاك، فعلمت بخطبته بعدة أشهر فانهرت بشدة، وأصبحت كالمجنونة به، أبحث عنه في كل مكان بعدما كنت أتهرب منه، وقلت لأمي فاستخدمت الموضوع ضدي، رغم أنها تعلم أنني متأثرة.

أصبحت ألبس ملابسا غير محتشمة؛ لإثارته رغم أنني كنت متدينة ولم أفكر ولو للحظة أنني من الممكن أن أعمل هكذا، حياتي تدمرت، وفشلت في الجامعة ورسبت، وأصبحت أعامل أمي معاملة سيئة جدا؛ لأنني شعرت أنها لم تقف بجانبي لأتخلص من الموضوع وأمسحه من تفكيري، بل العكس، فهل ما حصل لي غضب من الله على معصيته؛ أم لأنني لم أعامل أمي معاملة جيدة، أم لقلة الرضا، أم لأن الله لا يحبني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي تَقَرُّ به عينُك وتسكنُ إليه نفسُك.

ينبغي أن تعلمي جيدًا – ابنتنا الكريمة – أن كل شيء في هذه الحياة بقضاء الله تعالى وقدره، فالله تعالى قد قدّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فهو شيءٌ مكتوب، (رُفعت الأقلام وجفّت الصحف)، هكذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، قد كتب الله مَن تتزوجين، وكيف سيكون حالك، فلا تقتلي نفسك بالهمِّ والحسرة.

عليك أن تُراجعي نفسك وتراجعي موقفك لتفعلي ما ينبغي فعله، أولاً: صدُّك لهذا الشاب ومَنعك لوسائله في تعليقه بك كان موقفًا صحيحًا تُشكرين عليه، والله تعالى يرضاه، فإن إقامة علاقات بين الشاب والشابة خارج إطار الزوجية بابٌ عظيمٌ للفساد، فلا ينبغي أن تندمي على هذا الموقف، واعلمي بأنه إذا لم يتزوجك فليس لأنك وقفت هذا الموقف، ولكن لأن الله سبحانه وتعالى قد كتب في الأزل وقدَّر سبحانه وتعالى قدرًا سابقًا أنك لن تتزوجيه.

ثانيًا: اعلمي أن كل ما يختاره الله تعالى لك هو الخير، فهو لطيفٌ بك، أرحم بك من نفسك ومن أُمّك، فقد قال سبحانه في كتابه: {الله لطيفٌ بعباده}، وربما قدّر لك قدرًا أنت تكرهينه لكنّه هو الخير، فقد قال سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

أمَّا ما فعلته بعد ذلك من لُبسك لثياب التبرُّج: فهذه خطيئة وسيئة، ولن تجلب لك الخير، لن تجلب لك ما تظنينه رزقًا، فإن رزق الله تعالى لا يُستجلب بمعصيته، بل بالتقوى، فقد قال سبحانه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

فعليك إذًا أن تُعيدي حساباتك، وأن تفكري بطريقة صحيحة، لتكون مواقفك صحيحة ولتُزيلي عن نفسك هذا الهمّ والغم الذي وقعت فيه، أوَّلُ هذه المواقف أن ترجعي إلى الله تعالى وتتوبي إليه من سيئاتك، وتُحسّني علاقتك به سبحانه وتعالى، وتُكثري من دعائه أن يرزقك الخير وأن ييسّر لك الزوج الصالح.

ثاني هذه المواقف: أن ترجعي إلى أُمّك فتُحسِّني علاقتك بها، وتطلبي منها المسامحة والعفو، فهي أُمُّك، وبِرُّها واجبٌ عليك، والبِرُّ معناه: كل ما يُدخلُ السرور إلى قلبها، ولا يجوز لك أبدًا أن تُسيئي إليها وإنْ أساءت هي إليك.

وثالث المواقف: أن تحاولي نسيان هذا الشاب، وقطع التعلُّق به، وممَّا يُعينك على ذلك أن تُذكّري نفسك باليأس منه ما دام أراد أن يتزوج غيرك، فإن النفس إن يئست من الشيء نسته، ومن ذلك: أن تُعلِّقي قلبك بالله تعالى وتُكثري من دعائه أن يرزقك الزوج الصالح، فإذا تزوجت فإن الحب يُنسي الحب.

أكثري من التعرُّف على النساء الصالحات والفتيات الطيبات، فهنَّ خيرُ من يُعينك على التعرُّف على الزواج الصالح، وخذي بالأسباب، واستعيني بأقاربك، والله تعالى سيُقدِّرُ لك الخير.

نسأل الله تعالى أن ييسر لك كل أمرٍ فيه صلاحك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً