الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتجاهل كلام الناس وأكمل مساعدتي للآخرين؟

السؤال

السلام عليكم

أنا طالب في كلية الشريعة، وقد اختصني الله لمساعدة إخوتي في الجامعة من الذين لا يستطيعون الحضور والإجابة على الأسئلة، والمجموعات الأساسية في الجامعة، ولقد استمررت في هذه الحالة سنة ونصف من المساعدة والإشراف، ولله الحمد والفضل، ولكن عندي عدة مشاكل منها: أني أصبحت معروفا بالجامعة بشكل كبير، حيث طلاب السنة الثالثة والثانية والأولى يعرفونني، فأصبح لدي هاجس، وهو أني أشعر بالمراقبة في الجامعة وغيرها من الأماكن، كما أنه منذ فترة وصلني خبر من بعض إخواني أن الإناث يظنون أني أطيل النظر بهن وأتقصد ذلك، ولكن الله شهيد أني لا أفعل ذلك عن قصد، وإنما هي عادة عندي أني أنظر إلى الأشخاص لأكتشف طبيعة المكان والأشخاص؛ لأعلم طريقة التحرك، ثم أنظر إلى الأرض أو إلى أصدقائي.

وجدت في نفسي الضيق الشديد، وذلك لأسباب أسأل الله لي العافية منها، وهي أني قد أفنيت الكثير من وقت وجهدي ودراستي لكي أساعد الجميع، وأسهل لهم أمور الدراسة، ولكن بالمقابل يظنون هذا الظن، وقد كنت أفكر في ترك الإشراف على السنة، ولكنني لم أجد البديل المناسب عني، فلقد أصبح حمل المساعدة علي، ولا أحد يتقدم عني.

لا أخفيكم أن الله كرمني بهذه المساعدة، وهي مساعدة لنفسي قبل غيري، وأدعو الله دائما لي بالتوفيق والثبات، وأن لا ينزع مني هذا المنصب بسبب ذنوبي وأخطائي.

هلا أشرتم علي بماذا أفعل حيال الخوف من مراقبة الناس لي؟ (علما أني لا أهتم كثيرا بكلام الناس)، وعما أفعل بخصوص ما ذكرته الأخوات الإناث من النظر لهن، وهل أترك المساعدة في حال تضررت سمعتي في الجامعة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أي تصرف منك الآن مثل ترك الإشراف أو حتى محاولات تبريرك للآخرين أنك لا تنظر إلى الطالبات فهذا بمثابة تثبيت لما يعتقدونه عنك، وأنك فعلت ذلك؛ لأنك بالفعل أخطأت، لذا، استمر بعملك، وتجاهل ما يُقال عنك، وعش حياتك بشكل طبيعي، ولنفترض أنك أخطأت ونظرت إلى الطالبات، فالكل يخطئ، ولكن علينا عدم الاستمرار بالخطأ؛ لأن الإنسان معرض للخطأ والتقصير، وهذه سنة الله في بني آدم، فهو خلقهم للعبادة التي من أنواعها الاستغفار، وقد وعد الله المستغفرين التائبين بالمغفرة والثواب العظيم فقال: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: 135-136]، وجاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ).

أخي العزيز: لا تتطرق للموضوع مع أحد، ولا تسمع لمن ينقلون لك الأخبار أو ما يقال عنك بين الطالبات، ولا تحاول تغيير طريقتك بالتعامل ما دمت متأكداً أنك على حق، ولكن على المسلم أن يأخذ حذره في المرات القادمة ويتقِ الشبهات، وأود أن أذكرك بالحديث الشريف عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ -وأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ: إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، والْحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وهِيَ الْقَلْبُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفقك الله لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً