الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن للعامل النفسي أن يسبب رفرفة العضلات في كل أنحاء الجسم كما يحدث معي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قبل ثلاثة أشهر شعرت برفرفة في بطة ساقي اليسرى، بعدها انتقلت الرفرفة للفخذ، ثم للساق اليمنى والفخذ اليمنى، ثم لمنطقة العجان -أكرمك الله-، ثم صارت أجزاء متفرقة من بطني وصدري وكتفي وظهري تنتفض، ثم انتقلت حركة العضلات اللائرادية هذه لوجهي ورقبتي خاصة جفوني، وكل هذا حدث معي بعد التعرض لخوف شديد ووسواس، أكد لي طبيبا أعصاب أني لا أعاني مرضا عضويا لكن لم أثق في تشخيصه لخوفي الشديد من أن يكون لدي مرض عصبي كامن.

عندما تناولت بينزوديازيبين شعرت بتحسن ملحوظ لكني أوقفت الدواء بعد عشرة أيام فقط خوفا من الإدمان، فعادت الرفرفة العضلية، أنا لا أتناول أي منبهات ولا مخدرات ولا أي دواء آخر ولا أشرب القهوة ومشروبات الطاقة، الفيتامينات والمعادن والهرمونات في دمي كلها في المستوى الطبيعي، ليس عندي مرض مزمن ولله الحمد، كل ما في الأمر أني بدأت أشعر بهذه الإرتجافات الحزمية بعد التعرض لضغط نفسي كبير في العمل، لكني غيرت عملي منذ ثلاثة أشهر وزال الضغط ولم تختف الأعراض.

آسف على الإطالة لكن استفساري هو: هل يمكن للعامل النفسي أن يسبب رفرفة العضلات في كل أنحاء الجسم كما يحدث معي؟ وهل مدة ثلاثة أشهر غير كافية لزوال هذه الأعراض، لأني قلق ومكتئب منها وخائف أن تبقى معي طيلة حياتي أو تصيبني بالجنون، هل حالتي نفسية أم عضوية؟

جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

نعم الحركات العضلية اللاإرادية التي قد تظهر في مناطق معينة من الجسد كثيرًا ما تكون مرتبطة بالقلق النفسي، حيث إن القلق والتوتر النفسي يتحول إلى توترات عضلية، وهذه قد تحدث في أي جزء من جسم الإنسان، وكثيرًا ما تكون طبعًا مصحوبة بشيء من القلق وبشيء من الخوف وبشيء من الوسوسة، وأنا أؤكد لك أنها حالة طبيعية جدًّا ويمكن علاجها، والحمد لله تعالى أنت الآن لا تتناول أي منبهات أو مخدرات، وحياتك طيبة ومستقيمة، هذا في حد ذاته -إن شاء الله تعالى- آلية علاجية ممتازة جدًّا.

الذي تحتاجه هو أن تمارس الرياضة، الرياضة مهمة جدًّا، لأنها تؤدي إلى استرخاء نفسي واسترخاء عضلي. إذًا خصص وقتًا للرياضة، ويا حبذا لو بصورة يومية، أو على الأقل ثلاث إلى أربع مرات في الأسبوع لمدة ساعة، رياضة المشي، رياضة الجري، لعب كرة القدم، أي شيء من هذا القبيل سيكون مفيدًا جدًّا.

الأمر الثاني هو: أن تعبِّر عن ذاتك، ولا تحتقن، وتتجنب الكتمان، هذا أيضًا فيه فائدة كبيرة جدًّا.

أيضًا هنالك تمارين نسميها بتمارين الاسترخاء، هي ذات فائدة ممتازة، وأرجو أن تطبقها، يمكنك أن تتدرَّب عليها من خلال البرامج الموجودة على اليوتيوب، أو ترجع لاستشارة إسلام ويب والتي رقمها (2136015) فيها توجيهات وإرشادات توضح كيفية تطبيق هذه التمارين الاسترخائية.

إذًا هذه هي الأشياء الرئيسية الأساسية التي أريدك أن تتخذها منهجًا ونمطًا في حياتك.

الأمر الآخر: يجب أن تكون دائمًا إيجابيًّا في تفكيرك، رفِّه عن نفسك بما هو طيب وجميل، تجنب الفراغ الزمني والفراغ الذهني، بمعنى آخر: أن تصرف انتباهك تمامًا عن هذه الرفرفة والحركات العضلية اللاإرادية. تجنب النوم النهاري، احرص على النوم الليلي المبكّر، احرص على الصلاة في وقتها، الأذكار، تلاوة القرآن، بر الوالدين، ... هذه –يا أخي– كلها متطلبات أساسية لأن يرتقي الإنسان بصحته النفسية والجسدية.

الأمر لا علاقة له بالجنون، الأمر في غاية البساطة، وهي حالة نفسية بسيطة جدًّا تتعلق بالقلق الذي يندرج تحت ما نسميه بالأعراض النفسوجسدية، أي أن القلق والتوتر يتحول إلى حركات لا إرادية عضلية.

أخي الكريم: حتى نطمئن عليك تمامًا سوف أصف لك دواءً بسيطًا جدًّا يُساعدك -إن شاء الله- في التخلص من هذه المشكلة. طبعًا التطبيقات التي ذكرتها لك مهمة جدًّا، وفي ذات الوقت تناول الدواء. الدواء يُسمَّى (سيرترالين)، تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة يوميًا – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – لمدة عشرة أيام، ثم اجعل الجرعة حبة واحدة يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

يُضاف له دواء آخر يُسمَّى تجاريًا (دوجماتيل)، واسمه العلمي (سولبرايد)، تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

كلا الدوائين من الأدوية السليمة والفاعلة، وغير الإدمانية، ليس مثل البنزوديزبين الذي تناولته فيما مضى، نعم البنزوديزبين أدوية مُريحة وفاعلة، لكن التعوّد والإدمان عليها يمكن أن يحدث وبسرعة في بعض الأحيان، وقد أحسنت أنك قد توقفت عنه.

إذًا تناول الدوائين – السيرترالين والسولبرايد بالصورة والكيفية التي ذكرتها لك، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بهما، ولابد أن تطبق الإرشادات التي ذكرناها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً