الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محتار بين الغربة والعودة لبلدي نهائيا.

السؤال

السلام عليكم.

أنا مغترب منذ 11 سنة، ووالدي متوفي، ولا يوجد في البيت إلا أمي وأختي وزوجتي وأبنائي، وأريد الرجوع نهائيا لبلدي، ويحذرني الجميع من العودة بسبب سوء المعيشة، علما أني أمتلك قطعة أرض زراعية، ويمكنني بيعها والعيش من ثمنها عيشة جيدة، لكني محتار بين البقاء والعودة نهائيا، علما أني كرهت الغربة، وأتمنى الرجوع لبلدي وأهلي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب. نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يكفيك بحلاله عن حرامه، وأن يُغنيك بفضله عمَّن سواه، وأن يجعل رزقك سهلاً بين أهلك وذويك.

أنت مُصيبٌ – أيها الحبيب – في تطلُّعاتك وأُمنيتك بأن تعيش بين أهلك وأولادك، فإن من الوظائف المهمة للإنسان في هذه الحياة القيام على أبنائه وبناته وتربيتهم، وهذا بلا شك يتم ويكمل بحضور الأب في الأسرة ووجوده معهم، لكن إن كانت الحياة ستصعب عليك إذا رجعت إلى أبنائك وأهلك فبإمكانك اليوم أن تعيش معهم من خلال التواصل الجاد والمستمر وتعَّهدهم مع العناية الشديدة بالزوجة والأم، وهذا سيحصّل كثيرًا من المقصود -إن شاء الله-.

هذا نقوله بناء على أن العودة قد تترتب عليها صعوبة الحياة وعُسر الحال، ففي هذه الحال ينبغي أن تصبر على ما أنت فيه من الغُربة حتى ييسّر الله تعالى لك الأمور، واحتسب أجرك عند الله سبحانه وتعالى، فإن الاغتراب مشقة، ولذلك جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الرجل إذا مات في غير مولده قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنّة) [رواه الإمام ابن ماجه رحمه الله، وحسنه الشيخ الألباني].

فهذا الحديث يُبيِّنُ مشقة الغربة، وأن الله تعالى يُقابلها للإنسان بثوابٍ إذا هو صبر واحتسب، لاسيما إذا كانت هذه الغربة لتحصيل الرزق الحلال وإعفاف النفس والأهل به، فما تعانيه من مشقة الاغتراب والبُعد عن الأهل محسوبٌ لك، فاصبر واحتسب أجرك عند الله سبحانه وتعالى.

أمَّا إذا كانت الحياة في بلدك ممكنة بدون مشقة ولا ضيق حال يُلْجِئُك بعد ذلك إلى الندم والأسف على تركك لعملك في غربتك فإن الأفضل لك إذا كان الحال هكذا؛ الأفضل لك أن تعود إلى بلدك كما قدمنا سابقًا، فاستخر الله سبحانه وتعالى أولاً، وأكثر من دعائه بأن يفتح لك أبواب الرزق ويُسهلها لك، ويجمعك بأهلك. أكثر من دعاء الله سبحانه تعالى فإنه لا يردُّ مَن دعاه، وشاور العقلاء من أقاربك وأصدقائك الذين يعرفون طبيعة الحياة في بلدك وإمكان فرص العيش فيها، ثم توكل على الله سبحانه وتعالى.

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً