الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أواجه عوائق كثيرة في حياتي ..هل لها علاقة بالعين والحسد؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركته

سؤالي هو أنني أواجه عوائق كثيرة في حياتي، فعلى سبيل المثال: عندما أسعى للحصول على وظيفة، لا أحصل عليها بسهولة، وإن حصلت عليها وبدأت العمل، لا تمر سوى بضعة أيام حتى تبدأ المشكلات، فأضطر إلى تركها، وحتى عندما أقرر البدء بمشروع، تكون بدايته جيدة، لكن سرعان ما يفشل.

أما من ناحية المال: فعندما أبدأ بادخار أموالي لشراء شيء أحتاجه، تأتيني مصيبة مفاجئة، لا أعلم من أين! فأخسر ما ادخرته وأعود إلى نقطة الصفر، ومضت سنوات وأنا على هذا الحال.

ذهبت إلى بعض الرقاة، فقال بعضهم: إن ما أعاني منه هو عين أو حسد. لكن حياتي لا تتغير إلى الأفضل، والآن أنا بلا عمل، ولا مال، ولا مأوى، رغم أنني لا أكف عن السعي للعثور على عمل، حتى أصبحت أعمل أعمالًا يومية، فقط لأضمن قوت يومي، ولا أدري كيف أصبحت حالتي على هذا النحو، رغم أنني محافظ على صلاتي وأذكاري!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بدر الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في إسلام ويب، ونشكر لك ثقتك، ونسأل الله أن يرفع عنك البلاء، ويشرح صدرك، ويهيئ لك من أمرك رشدًا، ويجعل لك بعد العسر يُسرًا.

لقد عبّرت عن معاناة متكرّرة في العمل والرزق والاستقرار، ولا يخلو يوم إلا وعشرات الناس يتحدثون عنها؛ فالمعاناة تلك -أخي الكريم- هي قاسم مشترك، ولكن طريقة التعاطي تختلف من إنسان لآخر، وهذه الطريقة هي من تحدد زاوية الاتجاه الصحيح.

ودعنا نضع بين يديك الخطوات الآتية، لعلها تكون نافذة خير لك:

أولًا: لا تفترض أن كل عرقلة هي سحر أو عين؛ فإن أكثر ما يثبط العزم ويولد الخذلان، إيمان البعض بوقوعهم في هذا الحال، مع محافظتهم على الأذكار والأوراد، فليس كل عرقلة سحرًا، وقد يكون الابتلاء تمحيصًا لا تعذيبًا، والرزق المكتوب لك لن يُخطئك، لكنّ الله يريد لك مقامًا أعلى، فيصقلك بالمحن كما يصقل الحديد، وقال الله:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}.

ثانيًا: لو كانت عينًا أو سحرًا، فالعلاج يكون بثلاثة أمور:
- الاستمرار على الأذكار اليومية صباحًا ومساءً، بنية التحصين.
- الرقية الشرعية بنفسك، فلا تحتاج بالضرورة لراقٍ.
- اقرأ يوميًا على نفسك الفاتحة، وآية الكرسي، وخواتيم البقرة، والمعوذات، وآيات السحر من سورة الأعراف، ويونس، وطه.
- اشرب ماءً مقروءًا عليه بهذه الآيات، واغتسل به.
- حُسن الظن بالله، والدعاء بصدق وافتقار؛ فالله أرحم بك من نفسك.

ثم انهض وانس هذا الأمر، وابحث في الأسباب والعوائق، وتقدم كل يوم خطوة، هذا هو الطريق.

ثالثًا: اعلم أن البلاء قد يكون رفعًا للدرجات، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإن الله إذا أحبّ قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط".

رابعًا: خطوات عملية للخروج من الأزمة:
- جدّد نيتك كل صباح، وقل: "اللهم افتح لي أبواب رزقك وبارك لي فيه"، فالدعاء مفتاح لا يُغلق.
- جرّب سُبلًا جديدة في العمل: لا تكتف بما تعرفه، بل طوّر مهاراتك، وخالط من يُعينك، واسأل أهل الدين والخبرة.
- اعقد نية الصدقة ولو بالقليل، فإنها مفتاح الفرج.
- صلاة الليل؛ فإنها سلاح من لا سلاح له، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من سائل فأعطيه"؟

خامسًا: وصايا خاصة:
- لا تنظر إلى ما ضاع، بل إلى ما بقي من قوة فيك.
- لا تعزل نفسك، وابحث عن محيط يُنعش روحك.
- خذ بأسباب التدريب، أو العمل التطوعي، ولو كان بلا مقابل مؤقتًا؛ فذلك يفتح لك أبوابًا لم تتوقّعها.
- لا تيأس؛ فمن ظنّ أن الله يُضيّع من لجأ إليه، فقد أساء الظن بمولاه.

وأخيرًا: بشرى لك، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يُسرًا".

نسأل الله أن يشرح صدرك، وأن يُبارك فيك، وأن يجعل لك من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن كل بلاء عافية، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً