الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أصوات من بطني تسبب لي الإحراج، أفكر بالانتحار للخلاص من ذلك.

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من خروج أصوات مزعجة بصوت عال من بطني، ومن الشرج والمستقيم، وخاصة عند الاستيقاظ من النوم، وهذه الأصوات لا تخف إلا إذا ذهبت للمرحاض، وأجبرت نفسي على التغوط.

هذه العملية تتكرر حوالي 5 مرات، ولكن تختفي الأصوات قليلا ثم تعود، وهذا الأمر أثر علي كثيرا، فلم أعد أستطيع الجلوس قرب الناس، أو الذهاب للمدرسة خوف التعرض للحرج.

لهذا قررت الانتحار لكي أرتاح من هذا العذاب، ولكنني أخاف من ألم الانتحار، ولكنني مصممة على قراري، فأصبح كل شيء يقلقني ويغضبني، لم أعد أستحمل، حيث أرى الناس تقوم بأعمالها، بينما أنا جالسة في المرحاض أبكي على حالتي والأصوات التي تخرج مني.

هذا أثر بدوره على شهيتي، لم أعد أستطيع الأكل، وكثرة التغوط تسبب لي البواسير، فهل هناك علاج لحالتي ولهذه الأصوات، أم ليس لدي خيار سوى الموت والتخلص من هذه الحياة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختي الكريمة-، ونسأل الله أن يمنّ عليك بالصحة والعافية، وأن ييسر أمرك، والجواب على ما ذكرت:

- ما أنت عليه من البلاء يحتاج منك إلى المزيد من الصبر والتحمل وكثرة الدعاء، وفرج آت ، وتفاءلي ولا تيأسي مما أنت فيه، فهناك أمل في الشفاء -بإذن الله-، ولا بد من سرعة عرض نفسك على طبيبة مختصة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء"، رواه البخاري، وفي رواية عن ابن مسعود رفعه: "إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء فتداووا"، رواه النسائي.

- ومن جانب آخر لا يجوز لك أن تفكري تفكيرا سلبيا وتعزمي على التخلص من نفسك بسبب هذا البلاء، فإن هذا نوع من الجزع والتسخط على قضاء الله وقدره، وهذا تفكير سلبي وليس حلا للمرض، فإذا البلاء في نفسك فإن في قتل النفس بلاء في النفس وفي الدين، فقتل النفس والتخلص منها من كبائر الذنوب، وصاحبه على خطر عظيم يوم القيامة، وقد جاء في ذلك وعيد شديد، أعاذك الله من هذا، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم، يتردى فيه، خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده، يتحساه في نار جهنم، خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده، يجأ بها في بطنه في نار جهنم، خالدا مخلدا فيها أبدا"، رواه البخاري.

وفقك الله لمرضاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة المستشار: مراد القدسي، مستشار العلاقات الأسرية والتربوية.
وتليها إجابة المستشار: محمد عبد العليم: استشاري أول الطب النفسي، وطب الإدمان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

سبب تضجّرك وسخطك وتوترك ناتج من حالة بسيطة جدًّا، الحركة العامة في الجهاز الهضمي -خاصة الأمعاء- كثيرًا ما تكون مرتبطة بالقلق، وخروج الغازات والشعور بالآلام من خلال تواجد القولون العصبي هذه ظاهرة معروفة جدًّا، والأمر طبعًا يجب ألَّا يجعلك بهذا التضجُّر وهذا السخط والاستسلام، ومجرد الكلام عن الانتحار والتفكير في الانتحار فيه عبء نفسي كبير عليك جدًّا، لا يمكن للإنسان أن يُعالج مشكلة بمشكلة أفظع منها أبدًا، فهذا التفكير يجب ألَّا يجول بخاطرك أبدًا، والدكتور الشيخ مراد القدسي -جزاه الله خيرًا- أفادك في هذا السياق.

فأنا أقول لك: الحياة طيبة ومشكلتك -إن شاء الله- سيتم علاجها.

أولاً: لا بد أن تدخلي في برنامج رياضي، رياضة يوميًا لمدة ساعة، رياضة المشي، الجري، أي نوع من الرياضة متاحة بالنسبة لك، هذا يؤدي إلى استرخاء تام في عضلات القولون ممَّا يُقلل من خروج هذه الغازات، وممَّا يجعل موضوع الخروج بالنسبة لك أفضل.

ثانيًا: عليك بتناول دواءين، الدواء الأول يُسمَّى (سبرالكس Cipralex)، هذا اسمه التجاري، ويُسمَّى علميًا (استالوبرام Escitalopram)، الحبة تحتوي على عشرة مليجرام، وهناك حبة تحتوي على عشرين مليجرامًا، أنت محتاجة للحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، تبدئين في تناول نصفها -أي خمسة مليجرام- يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تجعليها حبة كاملة يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم تجعليها نصف حبة -أي خمسة مليجرام- يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناول الدواء، هو دواء سليم وفاعل، وهو في الأصل مضاد للقلق وللتوتر وللاكتئاب، لكنه يفيد في هذه الحالات على وجه الخصوص.

الدواء الثاني يُسمَّى (دوسباتالين Duspatalin) هو مكوّن عُشبي، أيضًا يفيد في تقلُّصات الجهاز الهضمي، وأريدك أن تتناوليه بجرعة كبسولة يوميًا، قوة الكبسولة مائتين مليجرام، تناوليه يوميًا لمدة شهرٍ، ثم بعد ذلك تناوليه عند اللزوم، بشرط ألَّا تتناولي أكثر من كبسولة واحدة في اليوم.

وهنالك دواء آخر يُسمَّى (ديسفلاتيل Disflatyl) هذا لامتصاص الغازات، إذا لم تتحسّني بصورة واضحة من خلال ممارسة الرياضة وتناول الدوسباتالين والاستالوبرام، يمكنك أن تتناولي أيضًا الديسفلاتيل حتى أربع حبات في اليوم، هو دواء لامتصاص الغازات.

إذًا العلاج -إن شاء الله بسيط- رياضة، إضافة إلى الأدوية التي وصفناها، والتفكير الإيجابي، والانخراط في الأشياء الحياتية المهمة والمفيدة، الاجتهاد في دراستك، أن تكوني من المتميزات، تتواصلين اجتماعيًّا، تكوني بارَّة بوالديك، توزعي وقتك بصورة صحيحة.

احرصي على صلاتك في وقتها، ابني نظرة إيجابية عن الحياة، واجعلي مسلكك إيجابيًا أيضًا وأفعالك إيجابية، هذا يصرف انتباهك تمامًا عن شكواك والأعراض القلقية التي ظهرت في شكل تقلُّصات في الجهاز الهضمي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً