الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من قلق النوم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في صغري كنت إذا نام إخواني أقلق ولا أنام، فأذهب لأمي -رحمها الله- وأخبرها بأني لا أستطيع النوم، فكانت تقول لي نم عندي، فأنام بسرعة عندها، فكبرت وأصبح كل اهتمامي بالنوم.

أذكر بالثانوية كنت لا أنام بالنهار حتى أنام بالليل، وأقلق إذا كان عندي حدث مهم غدًا مثل الاختبار، وأفرح إذا ألُغي هذا الحدث، وفي نهاية الثانوية استشرت طبيبا من خلال اللجنة الوطنية للصحة النفسية، وأوصاني بتناول السيبرالكس بدون علاج معرفي أو سلوكي.

بعد 3 أشهر من تركي للعلاج، وبعد رجوعي من السفر جاءتني فكرة أني لن أنام اليوم، وبالفعل أصابني القلق ولم أستطع النوم، وأخذت بنادول نايت، وأيضا لم أستطع النوم، وأشعر بالقلق أكثر عند رؤيتي لمن ينام قبلي وأنا لم أنم بعد!

بعدها أصابتني نوبة هلع بمطعم، وشعرت بتبدد الأنية، بعدها استشرت طبيبا نفسيا طلب مني الرجوع للعلاج الدوائي، فرجعت له واستفدت والحمد لله، ولكني قطعته منذ 3 أشهر بدون سيبرالكس، فأصبح الأرق ينتابني بالرغم من تناول الميلاتونين وأحيانًا البنادول نايت معها، ومع ذلك لا أنام.

بالأمس زرت الطبيب، ووصف لي مرزاجن 15 ملج، أخذته وسبب لي دوخة غير طبيعية منذ أول يوم، وأعتقد الآن أن القلق رجع لي، وصرت خائفا من أن يتكرر الأرق وأدخل في دوامة جديدة.

أنا كثير التفكير في النوم، وكيف ينام الناس وما إلى ذلك، وأعرف جميع العادات الصحية وأتبع جزءا كبيرا منها، حتى القهوة أشربها مرة يوميًا، وأمارس الرياضة بشكل منتظم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق، ونسأله تعالى أن يجعل نومك نومًا هانئًا وسعيدًا.

أنت لديك ما نسميه بالقلق التوقعي الوسواسي، بالفعل قد حدث لك اضطراب في نومك في فترة من الفترات، وكنت تذهب لوالدتك – عليها رحمة الله – وحين تكون في كنفها ومعها تستطيع أن تنام.

شخصيتك تحمل بعض سمات القلق الإيجابي، وهو ليس قلقًا سلبيًّا، والقلق الإيجابي دائمًا يُساعد الإنسان على المثابرة وعلى الإنتاجية وعلى تجويد العمل وعلى التفكير الإيجابي، لكنّه حين يشتد ويختلط بالوسوسة يؤدي فعلاً إلى توترات، وقد ينتج عن ذلك مثلاً اضطراب في النوم أو الشعور بالمشاعر السلبية.

أرجو ألَّا تنزعج، وأنا أقول لك أن النوم حاجة بيولوجية إنسانية لابد للإنسان أن ينام، وفي مثل عمرك النوم يكون في أفضل حالاته أصلاً.

أنا لا أريدك أن تتخذ العلاج الدوائي منهجًا لحلِّ هذه الإشكالية، وأنا سوف أصف لك دواءً، لكنّه دواء يعمل بكيفية مختلفة، دواء مضاد للوساوس، هذا هو الذي تحتاجه أنت، عقار (سبرالكس) أفادك لأنه مضاد للقلق ومضاد للمخاوف والوساوس، وعقار (ميرزاجين) وهو الـ (ميرتازبين) دواء رائع جدًّا لتحسين النوم، لكنّه بالفعل هو يُسبِّب دوخة في الأيام الأولى للعلاج، خاصة إذا تناوله الإنسان في وقت متأخر، وأنا دائمًا أقول للناس: أفضلُ تكونُ البداية سبعة ونصف (7,6) مليجرام، بعد ذلك يمكن أن تُرفع إلى خمسة عشر مليجرامًا.

عمومًا: أنا سوف أركّز على موضوع الصحة النفسية وأهميتها، وكما ذكرتُ لك سلفًا النوم حاجة بيولوجية تلقائية، نُمهِّد له الطريق ليأتينا، ونجعله يبحث عنَّا ولا نبحث عنه، خذها منّي هذه الكلمة. إذًا يجب أن تُمهِّد للنوم، بأن تتجنب النوم النهاري، بأن تمارس الرياضة، بأن تتوقف تمامًا عن تناول محتويات الكافيين – من شاي وقهوة وبيبسي وكولا وشكولاتة - بعد الساعة الخامسة أو السادسة مساء، وأن تثبت وقت النوم ليلاً، أي لا يكون هنالك تباين وتأرجح في الوقت الذي تذهب فيه إلى الفراش من أجل النوم.

يُفضّل أن تجلس على كرسي مُريح، ليس بعيدًا عن السرير، وحين تحسّ بشيء من النعاس تذهب وتنام. لا بد من أن تطبِّق أيضًا تمارين الاسترخاء، فهي مفيدة جدًّا، خاصة قبل النوم، تُوجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء. لابد أن يكون ذهنك في حالة استرخاء، ولابد أن تفكّر فيما هو طيب وجميل، ولابد أن تقرأ أذكار النوم بتأمُّل وتدبُّرٍ.

هذه الأمور – يا أخي الكريم – كافية جدًّا لأن تجعلك تنام نومًا سعيدًا ومُريحًا وطيبًا، ولا تنزعج إذا تأخَّر النوم عندك قليلاً، سوف يأتي، إذا لم يأتِ في الليلة الأولى سوف يأتي في الليلة الثانية أو الثالثة، وهكذا.

إذًا هذه هي الآليات الصحيحة التي أرشدك إليها، وقطعًا النوم الليلي المبكّر أفضل، هذا لا شك فيه.

أنا سأصف لك دواءً مضادًا للوسوسة في المقام الأول، لأن علّتك فيها الجانب الوسواسي، الدواء هو الـ (فافرين) والذي يُسمَّى علميًا (فلوفكسمين)، تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً، تتناولها لمدة شهرٍ، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرين آخرين، ثم تتوقف عن تناوله. هو دواء مفيد ورائع، وأسأل الله أن ينفعك به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً