الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الاكتئاب الشديد والقلق.. ما علاج ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب لدي اكتئاب شديد وقلق، بدأ معي قبل خمس سنوات، وأداوم على الأدوية منذ شهر، واستعملت أدوية لاموتريجين 100 ملغم يومياً، وما يعرف ب السيبرامين أو الايزورا، وكنت أستعمل الريميرون، ولكن نصحني الطبيب بتركه لأحافظ على دوامي ودراستي.

سؤالي هو: هل الاكتئاب بشكل عام يؤثر على العلاقات العامة في محيط المصاب، كالمعارف والأصدقاء مثلاً?

لا أخفي عليكم أنا اليوم لا يكلمني إلا ثلاثة أصدقاء من كل الذين عرفتهم، وقبل ذلك بقيت في غرفتي سنتين، وأنا أتعاطى مخدر الحشيش، ولكن -الحمد لله- سافرت للدراسة، وأقلعت عنه بعد الأدوية بشهر، وتحسنت علاقتي بأهلي، وازداد حس المسؤولية عندي، وانتهت الأفكار الانتحارية، ولكن ما زال المزاج متدنياً.

لا زلت أشعر بغصة في صدري، ومع الأسف لا أحد يكلمني، وأحس أن الناس تتجنبني، مع أنهم فيما بينهم مثلاً يتعاملون بأسلوب مختلف عن التعامل معي!

ما المشكلة؟ وما الحل؟ حاولت بكل الطرق ولم يجد نفعاً، وأمر آخر وهو: أريد أن أقلع عن التدخين وأحافظ على الصلاة، فما نصيحتكم؟ وماذا ترشحون لي من كتب تفيدني بكل مشاكلي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Younes99 حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

الاكتئاب في مثل سِنِّك هذه يُقلِّل من فعاليات الإنسان ومن إيجابياته، وأنا حذرٌ جدًّا حقيقةً في تشخيص الاكتئاب في مثل سِنِّك، لأن الإنسان إذا أُطلق عليه هذا التشخيص واقتنع به سوف يُعطّل حياته، نعم قد يحدثُ شيء من عُسر المزاج، عدم الارتياح، شيء من القلق النفسي، وهذا -إن شاء الله تعالى- ليس من الضروري أن يصل إلى مرحلة الاكتئاب.

أنا طبعًا لا أنتقد التشخيص الذي قام به الطبيب الذي قمت بمراجعته، لكن الذي أريده منك هو أن تُحرِّر نفسك من هذا المفهوم.

يجب أن نتفق – وكل التقدير لشخصك الكريم – أن الحشيش كان مُعطِّلاً لحياتك، لا شك في ذلك، عطَّلتَ حياتك لمدة سنتين وأنت منقطع في غرفتك، وقطعًا الحشيش يخلُّ خللًا كبيرًا بكيمياء الدماغ، الإنسان يعتقد أنه مرتاح، يعتقد أنه في حالة استرخاء، لكن العكس تمامًا؛ الإنسان يكون مُعطَّلاً فكريًّا ووجدانيًّا ومعنويًّا، هذا أمرٌ لا شك فيه.

أيها الفاضل الكريم، أنت الآن أقدمت على الخطوة الصحيحة، وهي الإقلاع عن تعاطي هذا المخدّر اللعين، فبتحرير نفسك من هذه السموم أنا أعتقد أنك يمكن أن تنطلق انطلاقة جديدة، انطلاقة كلَّها إيجابيات وتدبُّر وتأمُّل وأمل ورجاء حول الحاضر وحول المستقبل، والتوقف من تعاطي المخدر في حدِّ ذاته يُعتبر إنجازًا، وإنجازًا كبيرًا.

يجب أن تُكافئ نفسك عليه، ويجب أن تحمد الله كثيرًا أن أعانك على ذلك، ويجب أن تُدعِّم هذه التوبة حقيقة بأن تُخطِّط لنمط حياة جديد، أن تكون لك الصداقات الجيدة، أن تحرص على صلاتك – كما ذكرت – وتواظب عليها، أن تمارس الرياضة، أن تكون بارًّا بوالديك، أن تهتمَّ بدراستك ... أشياء كثيرة جدًّا يجب أن تُدخلها على حياتك كنماذج مهمَّة لتعديل نمط الحياة.

هذا – تعديل نمط الحياة – الآن أصبح مهمًّا، الإنسان الذي يُحسن التواصل الاجتماعي، ويقوم بالواجبات الاجتماعية، ويكون لديه نسيج اجتماعي ممتاز، ويُحسن إدارة وقته، ويحرص على واجباته الدينية، ويصل أهله، ويكون بارًّا بوالديه، ويسعى لأن يكتسب المعارف والثقافات، وينظِّم طعامه، ... هذا – أخي الكريم – دليل على الارتقاء بالنفس وبالجسد، وهذا هو الذي أريدك أن تعتمد عليه حقيقة.

لا تعتمد على الأدوية فقط، الأدوية لا بأس بها، تُساعدك بنسبة عشرين إلى خمس وعشرين بالمائة، لكن المساعدة الحقيقية التي تُخرجك ممَّا أسميته بالاكتئاب الشديد هو أن تُؤهِّل نفسك، (تنظيم في الوقت، تجنُّب السهر، النوم المبكّر، استيقاظ من النوم مبكِّرًا، أداء صلاة الفجر في وقتها، الدراسة والمذاكرة ساعة على الأقل قبل الذهاب إلى المدرسة أو الجامعة)، وهكذا، هذا تنظيم جميل ودقيق وإيجابي جدًّا للحياة، والرياضة لابد أن تُشكّل جزءًا أساسيًا في حياتك.

أنا متأكد أن مهاراتك الاجتماعية سوف تتطوّر بالتدريج، هذا أمرٌ مفروغ منه. كل الذي أريده منك هو أن تتبع الإرشادات والتوجيهات التي ذكرتها لك، وقطعًا التوقّف عن التدخين يجب أن يحدث الآن، لأن التدخين والنيكوتين هو أيضًا بوَّابة من بوَّابات الإدمان، لا شك في ذلك أبدًا.

أمَّا الكتب فلا بد أن تقتني كتبًا إسلامية مثل فقه السنة وصفوة التفاسير ورياض الصالحين، ويجب أن تتعلم تجويد القرآن الكريم، ويمكنك أن تستفيد من هذه الاستشارات وستجد فيها المزيد من الكتب النافعة بإذن الله: (251691 - 237140 - 54651 - 1700 - 2184432).

بالنسبة للصحة النفسية فكتاب (دانيال قولمان في الذكاء الوجداني) يعتبر كتاباً جيداً، وأيضاً كتاب (قوة الآن) لافكهارت تول، من الكتب البسيطة والقيمة، وأيضاً يوجد كتاب للدكتور صالح بشير الرشيدي اسمه (التعامل مع الذات) يعتبر كتاباً مفيداً، وغيرها كثير. جزاك الله خيراً.

وحول وسائل المحافظة على الصلاة راجع: (55265 - 2133618).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً