الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التكلم بدون وعي كيف يتم علاجه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شخص عندما التزمت أصابني وسواس أهلكني -أهلكه الله-، وبعد سنة كاملة أصبحت أتكلم بلساني مع نفسي بأشياء لا أعيها، وأحياناً يخرج كلاما لا أستطيع رده، فطول يومي وأنا أتكلم مع نفسي حتى في كل صلاة أصليها إلا وأتكلم، فكيف أستطيع إيقاف هذا الكلام الذي يخرج دون وعي واستطاعة؟ لأنه أتعبني جداً.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

الوساوس القهرية في مثل سِنِّك موجودة، والحمد لله هي تكون عابرة في معظم الوقت، أي أنها مؤقتة ولا تستمرُّ طويلاً.

نعتقد أنك قد تعايشت مع هذه الوساوس، ويُعرف أن الوساوس الدينية كثيرة، وطبعًا أمور الدِّين أمور حسَّاسة، فلذا حين تأتي أفكارًا قبيحة يحس الإنسان بألم شديد جدًّا في نفسه.

أنا أؤكد لك أن هذه الوساوس ليست جديدة، وقد اشتكى منها أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالصحابة الكرام اشتكوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قائلين: (إنا لنجد في أنفسنا ما يتعاظم على أحدنا أن يتكلم به) فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: (أوَ قد وجدتموه؟!) قالوا: نعم، قال: (ذاك صريح الإيمان) وقال: (الحمد لله الذي ردَّ كيده – أي كيد الشيطان – إلى الوسوسة)، وقد نصحهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم، ونصحهم بأن يقولوا (آمنَّا بالله) وأمرهم بالانتهاء، وينتهوا يعني ألَّا يخوضوا في هذا الوسواس، وأن يُحقّروه، وأن يتجاهلوه.

فأنا أريدك أن تنتهج هذا المنهج الطيب، المنهج النبوي الجميل، أولاً: لا تشرع في الكلام أبدًا حين تأتيك الدوافع الأولى للكلام، قل لنفسك: (لن أتكلم، لن أتكلم، لن أتكلم أبدًا، هذا وسواس قبيح)، وتصرف انتباهك عنه مثلاً، بأن تنظر إلى موقع سجودك أكثر، وتكون أكثر خشوعًا. هذا فيه نوع من صرف الانتباه، وحين تكون خارج الصلاة تستغفر، وتقول: (آمنت بالله، آمنت بالله، آمنت بالله) عدة مرات. هذا أحد التمارين الجيدة والمفيدة.

ودائمًا الإنسان لا يندمج مع الوسواس، الوسواس يجب أن نوقفه منذ لحظاته الأولى.

هنالك أيضًا تمرين ممتاز جدًّا نسميه بالتمرين التنفيري: حين تكون خارج الصلاة اجلس في مكانٍ هادئ – مثلاً داخل الغرفة – وتكون أمامك الطاولة، وتأمَّل أنك قد بدأت الصلاة، وفي ذات اللحظة تقوم بالضرب على يدك بقوة وشدة على سطح الطاولة. الهدف من هذا الضرب هو أن تحسّ بالألم، وأن تقرن هذا الألم بالوساوس والكلام الذي يأتيك في الصلاة. تُكرِّر هذا التمرين خمس إلى ست مرات بمعدل مرتين إلى ثلاثة في اليوم. والهدف من هذا التمرين هو أن علماء السلوك قد وجدوا أن الإنسان حين يقرن وساوسه بتفاعلٍ لا تُحبُّه النفس – أو تفاعل تكره النفس، أو تتألم منه النفس – كإيقاع الألم هذا. أو مثلاً تمرين آخر: يمكن أن تقوم بشم رائحة كريهة، وفي ذات الوقت تأتي ببدايات الوسواس. هذا أيضًا يُنفّر ويُضعف الوسواس.

فإذًا هذه كلها حيل سلوكية ممتازة جدًّا أرجو أن تطبقها بإجادة وجدّية، وسوف تفيدك كثيرًا.

أمر آخر ضروري جدًّا، هو: أن تحرص دائمًا أن تكون في الصلاة مع الجماعة، الصلاة مع الجماعة مع الاجتهاد في الخشوع قطعًا تصرف هذا النوع من الوساوس. هذا مهم جدًّا.

وأريدك أيضًا أن تمارس التمارين الرياضية، تمارين المشي، الجري، كرة القدم في مثل سِنّك ممتازة، وأيضًا تتدرب على تمارين الاسترخاء. إسلام ويب لديها استشارة رقمها (2136015) أرجو أن تطلع عليها وتطبق ما ورد بها من تمارين، وكن بارًّا بوالديك، واستمتع بوقتك – أيها الفاضل الكريم – وإن شاء الله تعالى سوف يزول هذا الوسواس، ولا أراك في حاجة لعلاج دوائي في هذه المرحلة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً