الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من القلق والأفكار السلبية فكيف أتغير؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ الصغر كنت أعاني من عدم الثقة بالنفس وعدم التركيز والأفكار السلبية والخجل من الناس، والخوف من أشياء لم أجربها.

كنت أظن أن كل الناس ينظرون إلي، لم أكن راض بمظهري، كنت أمارس العادة السرية وما زلت، لكن عندما وصلت لسن 18 بدأت في التغير، وأصبحت أحسن قليلاً من قبل، أصبحت إنساناً اجتماعياً، متحدثاً، ومرحاً، دائما مبتسم، ومحبوب عند الجميع.

كنت أتعطى المخدرات والأدوية، ولحد الآن، لأني كنت أرى فيها سعادتي، وعندما وصلت لعمر 21 خرجت من بلدي إلى أوروبا، وهناك بدأت أعاني من قلة التركيز والأفكار السلبية، وعدم الثقة بالنفس، والوسواس القهري، والخجل من الناس، وعدم التحدث مع الناس.

لم أعد أبالي بمظهري، دائماً أرى نفسي ضعيفاً، ولا أعرف الإجابة على الناس، وعندما أجلس مع أشخاص أكون كثير الحركة، وأتهرب من الحديث بأي طريقة، لأقلق من كل شيء، عندما يتحدث معي شخص فإن عقلي يفكر في أتفه الأشياء، لا أعرف كيف أصف لك شعوري جيدا؟

لا أعرف ماذا أفعل؟ أريد أن أتغير، ولكن كيف؟


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي العزيز: فيما يلي مجموعة من الإرشادات العملية المباشرة التي سوف تساعدك بمشيئة الله:

- بالنسبة للحجل: تأنَ قبل الإجابة أو الكلام، لا تتحدث بسرعة لتخفي خجلك فهذا يزيد من توترك، بل أعطِ وقتاً للتفكير لكي تعبر عن ما يجول في خاطرك بشكل مناسب.

- حدد جميع المواقف التي تخجل فيها، واكتبها، وكل ما كتبت موقف اكتب مقابله مبرراتك لماذا تخجل؟ وبعد أن تنتهي من حصر المبررات لكل موقف اقرأها بتروٍ، وانظر هل المبررات تستحق كل هذا الخجل مقارنة بالموقف؟!وكلما كتبت أكثر سوف تصبح أكثر وعياً وعقلانية على الأسباب، وبالتدريج سوف يقل عندك مستوى الخجل، لأنك كلما واجهت موقف يخجلك سوف تضع مبرر لهذا الخجل، وسرعان ما تتحرر من هذا الشعور بعد تكرار ذلك في أكثر من موقف.

- تواصل وتفاعل اجتماعياً مع الناس على اختلاف تفكيرهم، وليس بالضرورة أن تتبنى هذا الفكر أو ذاك إذا جلست مع مجموعة "لا تشبهك"، ولكن هذا التفاعل يجعلك أكثر اطلاعاً وخبرة في معظم نواحي الحياة ويجعل شخصيتك أكثر تماسكاً في معظم المواقف.

-  ابحث في ذاتك عن نقاط قوتك ولا تبحث فقط عن نقاط ضعفك، وحاول استغلال نقاط القوة وتطويرها فهذا سيجعلك شخص اجتماعي وأكثر تفاعلاً وكفاءة، وسوف تتغلب على نقاط ضعفك.

- اصغ جيداً لمن يتكلم معك، ولا تقاطعه، وقدم أفكارك في الوقت المناسب وإلا ضاعت قيمة الفكرة ولم يهتم لها الطرف الآخر.

- أثناء إصغائك لحديث شخص ما، عليك أن تبدي اهتماماً لما بقوله واحرص على التواصل بصرياً معه، وقم بتلخيص النقاط الجوهرية في دماغك لكي تتمكني من الرد عليه بطريقة مباشرة تُحاكي صلب الموضوع، وهذا يجنبك الدخول في دائرة الخجل من الرد أو التشويش أو نسيان ما قاله ذلك الشخص.

- تعوّد على قول كلمة "لا" عندما يتطلب الموقف ذلك، لا تكن منصاعاً لكل ما يقال لك، أو تخاف من الرد.

- اتبع طريقة "التدريب الذاتي"، من خلال تخيل أنك تريد الحديث مع مجموعة عن أمر ما ثم قم بتسجيل فيديو قصير على هاتفك ثم شاهد نفسك هذا الفيديو واحصر أخطائك، قد تقول يفترض أن أقول  (......) أو لقد كنت متوترا جداً أثناء الحديث علي أن أسترخي، قم بمسح الفيديو وسجل واحداً آخر، استخدم هذه الاستراتيجية يومياً حتى تشعر أنك أصبحت بالفعل تتكلم بثقة.

- اقرأ عن الموضوعات التي تجد نفسك قليل المعرفة فيها، وتابع مجريات الأحداث العالمية والأخبار اليومية، فهذا يجعلك أكثر اطلاعاً ومعرفة مما يساعدك على التواصل وطرح أفكارك وانتقاد أفكار الآخرين مما يعزز ثقتك بنفسك.

- ابدأ بالظن والتفكير الإيجابي قبل السلبي، وحاول أن تتجاهل الكلام والمواقف التي ليس لها أي تأثير مباشر عليك.

-  حدد السلبيات في شخصيتك، واعمل على التخلص منها، بعض الأحيان الإنسان لا يرى أخطاءه ، ويعمل على"إزاحة" و " إسقاط" السلبيات في شخصيته أو سلوكه على الآخرين.

- أنزل الناس منازلهم، بمعنى، لا تعط أحداً أكبر من قدره، فلا تضع نفسك مواضع السوء ، وتنزلها منازل متدنية.

العادة السرية: استخدم "السلوك الإيجابي النقيض" ففي الوقت التي تأتيك رغبة جامحة ومُلحة لممارسة العادة السرية، قم بأداء عمل إيجابي يتناقض مع ذلك، مثل: الصلاة، قراءة القرآن الكريم، قراءة كتاب مفيد، ممارسة رياضة خفيفة، أو غادر المكان إذا كنت وحدك.

- احصر المواقف التي تحفز فيك الرغبة على ممارسة، مثل: (الوِحدة، الصحبة السيئة، السير في الأسواق ومشاهدة النساء، الأضواء الخافتة، الألوان الرومانسية...) واعمل على تحييدها جميعها والتخلص منها، لأنها بمثابة "مثيرات" تستجر ممارسة العادة السرية.

- احرص دائماً أن تكون على وضوء، وصلِ جميع الصلوات في وقتها وتحديداً صلاة الفجر، فذلك يجعلك ذاكراً لله باستمرار ويُبعد عنك الوساوس.

- املأ وقت فراغك، وهذا يجب أن يتم التخطيط له من خلال كتابة ما تود القيام به بشكل يومي.

- لا تذهب إلى سريرك بغرض النوم إلا بعد أن يغلب عليك النعاس بشكل كبير، بمعنى، لا تعط نفسك مجالا من الوقت وأنت جالس في السرير قبل النوم، فذلك يحرك فيك الرغبة بممارسة العادة السرية بكثرة، وهذا يُدخلك بأضرار والتهابات مرضيّة لا تحمد عقباها.

- ابدأ بالتوقف عن العادة السرية لمدة ثلاثة أسابيع متتالية (21) فإذا نجحت أكمل أيضاً (21) يوم، بمعنى لا تمارس العادة لمدة 21 حتى لو حدث انتكاس بعدها فلا بأس، ارجع وكرر الانقطاع، وهكذا، بالتدريج سوف تقلع عن هذه العادة.

- من العلاجات السلوكية الفعالة للتخلص من العادة السرية أو التقليل منها بشكل كبير جداً، هوو القيام من فراشك فوراً بعد الفشل في سيطرتك على شهوتك.

والاغتسال (الاستحمام) بشكل تام، حتى لو كان ذلك في منتصف الليل.

- وثق نجاحك بشكل يومي على رزنامة ضع علامة صح على كل يوم مر دون ممارسة العادة السرية.

- بالنسبة للمخدرات والعقاير التي تتناولها، أنصحك بمراجعة مركز متخصص في مدينتك لمتابعة حالتك، وتصميم برنامج علاجي متكامل، يُحسب فيه الجرعات التي تتناولها وأوقاتها، ويتم البدء بالتعافي من هذه الآفة المهلكة.

- اعمل على تقييم شؤون حياتك، وابدأ بالتغيير بالتدريج من المهم إلى الأقل أهمية ( الشكل العام، النظافة الشخصية، العلاقات مع الآخرين، الأهداف المستقبلية، الأكل الصحي، ساعات النوم، الصحة العامة، ...).

- أنصحك بالالتزام بالصلاة، فإضافة إلى أنها عبادة وتقرب إلى الله، فهي تعمل على إحداث الاطمئنان والسكينة في قلوبنا، يقول الله عز وجل { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ } أي: يزول قلقها واضطرابها، وتحضرها أفراحها ولذاتها. { أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } أي: حقيق بها وحريٌّ أن لا تطمئن لشيء سوى ذكره، فإنه لا شيء ألذ للقلوب ولا أشهى ولا أحلى من محبة خالقها، والأنس به ومعرفته، وعلى قدر معرفتها بالله ومحبتها له، يكون ذكرها له، هذا على القول بأن ذكر الله، ذكر العبد لربه، من تسبيح وتهليل وتكبير وغير ذلك.

والصلاة من أسباب الهداية واستقامة العبد لأنها تنهى العبد عن المعاصي والوقوع فيها فمن اشتغل وقته بالطاعة والذكر، ابتعد عن المعاصي ومسبباتها فلقد قال الله عز وجل في قرآنه الكريم ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْـمُنكَرِ) لذا؛ إياك والتهاون بأداء الصلوات.

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر Ahmad

    ربنا يبارك فيك وفي فتواك يا شيخ واصلح بك شباب المسلمين

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً