الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تبت إلى الله لكن تنتابني آثار الماضي، فكيف أتخلص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 21 سنة، كنت ممارسا للعادة السرية ومشاهد الأفلام الخليعة، منذ شهر أصابني ضيق في صدري، فحاولت أن أقلع عنها وأن أتقرب من الله، ومنذ 10 أيام وأنا مبتعد عنها، ولكن منذ أن أصابني هذا الضيق وأنا مريض بالوساوس، وتأتيني أفكار سلبية بشكل غير طبيعي، وتسيطر علي ذكريات الماضي.

أجتهد بالذكر والصلاة والقرآن، فوجدت الراحة، ولكن لا أنام جيدا في الليل، ومنذ ثلاثة أيام أصابتني نوبة قلق وهلع من خوفي وعدم مقدرتي على النوم، وأصبحت أوسوس بهذا الأمر.

أحاول أن أشغل وقتي بما هو مفيد، ولكن أشعر بالفراغ النفسي والقلق من حالتي والخوف من أن تشتد علي، في بعض ساعات النهار أشعر بالراحة، وفي بعضها تعود وتراودني الوساوس، وأشعر أن كل من حولي من أصحاب يمدونني بالطاقة السلبية، واستشرت أهلي أن أذهب إلى طبيب نفسي، فرفضوا، وقالوا لي: القرآن يكفيك، فهل أنا في حاجة لطبيب نفسي أو دواء؟ رجاء أجيبوني بأسرع وقت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد. والحمد لله الذي أنعم عليك بنوبة التوبة، وأن أقلعت عن ممارسة هذه العادة السيئة، وكذلك الابتعاد عن مشاهدة الأفلام الإباحية والخلاعية، وهذه التوبة -إن شاء الله تعالى- تعضُّ عليها بالنواجذ، وأنا أعتقد أنك قد حرَّرت نفسك من كابوس وخرجت من دهليز ومن نفق مظلم، فلا بد أن نقدِّم لك التهنئة في هذا السياق، وأقول لك: {إن الله يُحبُّ التوابين ويُحبُّ المتطهرين}، وأقول لك: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

ما تعاني منه الآن أعتقد أنه نوع من (القلق الوسواسي البسيط)، أو (قلق المخاوف الوسواسي) كما نحب أن نسميه، ولعلاج هذا: طبعًا القرآن الكريم مطلوب، والصلاة في وقتها، والمحافظة على الأذكار والدعاء، والثقة بالنفس، وأن تكون شخصًا فعَّالاً، وأن تصرف انتباهك تمامًا عن الفكر السلبي، هذا مهمٌّ جدًّا.

وتحتاج للعلاج الدوائي أيضًا، الدواء سوف -إن شاء الله تعالى- يقضي تمامًا على هذه المخاوف، وكذلك الوسوسة، لكن كما ذكرتُ لك لابد أن يكون لديك الجهد النفسي الإيجابي حتى تعيش حياة بلا وساوس وبلا مخاوف.

وإنِ استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمرٌ جيد، وإن لم تستطع فسأصف لك أدوية بسيطة جدًّا، فاعلة، -إن شاء الله تعالى- تستفيد منها. الدواء الأول يُسمَّى تجاريًا (سيبرالكس) واسمه العلمي (اسيتالوبرام)، تبدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرامات – أي نصف الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات – تناولها بانتظام لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة عشرة مليجرامات يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجرامات يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.

أمَّا الدواء الآخر فيُسمَّى علميًا (سولبرايد) واسمه التجاري (دوجماتيل)، هو دواء جيد جدًّا، سوف يُساعدك كثيرًا كدواء داعم، تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذه أدوية سليمة، وفاعلة – كما ذكرتُ لك – وليست إدمانية، وأسأل الله أن ينفعك بها.

هذه هي نصائحي لك، وأودُّ أن أضيف أيضًا: أهمية الرياضة وممارستها كعامل علاجي فعّال جدًّا، وكذلك تمارين الاسترخاء(2136015)، هنالك تمارين للتنفس التدرُّجي، وتمارين لقبض العضلات وشدِّها ثم استرخائها، كلها ذات فائدة عظيمة جدًّا، فأرجو أن تُطبّقها، هنالك مواقع جيدة جدًّا على الإنترنت واليوتيوب توضّح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، فيمكنك أن تستفيد منها، وقطعًا إذا ذهبت إلى الطبيب النفسي سوف يحوّلك للأخصائي النفسي الذي سوف يقوم بتدريبك على هذه التمارين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
----------------------------------------------------------------
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-،
وتليها إجابة: د. أحمد الفرجابي -مستشار شؤون أسرية وتربوية-.
---------------------------------------------------------------

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

لا يخفى عليك أن الطمأنينة وراحة البال مكانها واحد، {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، كما أرجو أن تعلم أن للمعاصي شُؤمها وثمارها المُرَّة، فإن للمعاصي ضيقا في الصدر، وظلمة في الوجه، وبُغضة في قلوب الخلق، وتقتيرا في الرزق. فتعوّذ بالله من شر هذه الممارسة الخاطئة، وأشغل نفسك بالطاعات، وقد أسعدنا أنك وجدت حلاوة وأثرًا لتلاوة القرآن والمواظبة على الصلاة والذكر، وهذه علاجات أرجو أن تحافظ عليها.

كما أرجو أن تستفيد من توجيهات الطبيب النفسي المختص الدكتور محمد، ونسأل الله أن ينفع بك وبه، ونوصيك بما يلي:
أولاً: الدعاء لنفسك.
ثانيًا: الحرص على النوم على الأذكار، أذكار النوم وأذكار الصباح والمساء، وأذكار الدخول والخروج، وأذكار الأحوال التي علَّمنا إيَّاها رسولنا -صلى الله عليه وسلم-.
ثالثًا: الاجتهاد في غض البصر والبُعد عن المشاهد التي لا تليق، سواء كانت في الواقع عبر وسائل التواصل أو نحو ذلك.
رابعًا: تجديد التوبة النصوح لله تبارك وتعالى، وتعاهدها والمحافظة عليها.
خامسًا: كلَّ ما ذكَّرك الشيطان بالماضي تعوّذ بالله من شرِّه، لأن الشيطان يحزن إذا تُبنا، ويبكي إذا استغفرنا، ويندم إذا سجدنا لربِّنا، فلنعامل عدوَّنا بنقيض قصده.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، وأرجو أن تقطع أسباب تلك الممارسة الخاطئة التي لها آثار سيئة على النفس، ثم عليك أن تستعين بالله تبارك وتعالى، واحرص على قراءة الرقية الشرعية على نفسك، ولا مانع من أن تذهب إلى راقٍ شرعي متخصص.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً