الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحتاج إلى الزواج وأهلي يشترطون إكمال الدراسة، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري 18 سنة، وأشعر بأنني فاشل في معظم جوانب حياتي، رسبت في سنة دراسية مهمة ومصيرية، وغالبًا سأرسب هذا العام أيضًا؛ لأنني فقدت الدافع والأمل، حتى وإن لم تُقرأ رسالتي، فلا بأس، فليس لي حول ولا قوة.

أعاني من ضعف شديد في الإرادة، وأجد صعوبة في أداء أبسط المهام، ولا أزور أرحامي، وأمضي وقتي جالسًا في البيت، رغم ذلك، أحمد الله على نعمه، لكنني لا أبذل جهدًا يُذكر، وإذا فشلت في شيء، أتركه تمامًا وألجأ إلى السرير.

أدرك أن كثيرًا من معاناتي سببها إدماني على العادة السرية والمواقع الإباحية، والذي بدأ منذ حوالي ست سنوات، رغم وجود فترات توبة بينها، إلا إنني كثيرًا ما أعود.

أحب أهل الصلاح، وأسأل الله ألا يُعدّ حديثي هذا من المجاهرة، إنما أطلب النصيحة بصدق؛ لأني أريد أن أعيش حياة طبيعية، بل حياة خيّرة نافعة.

طلبت من أهلي أن يساعدوني على الزواج، لكنهم اشترطوا أن أنهي دراستي، وألتحق بالجامعة، ثم أعمل وأحصل على راتب قبل أي خطوة.

سؤالي: هل رأي أهلي صحيح؟ وهل هذه الشروط منطقية؟ وهل من العدل أن أظل أُعاني هذا العذاب حتى أحقق كل تلك المطالب؟ وهل أنتظر كل هذه السنوات؟

جزاكم الله خيرًا، وبارك فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زياد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، ودعنا نجيبك من خلال ما يلي:

أولًا: ملخص حالتك بإيجابية: أنت شاب مؤمن، قلبك حيّ، وإن أثقلته المعصية، تشتكي ضعفًا لا استهتارًا، ورغبة في الطاعة لا تجاهلًا لها.

نعم، وقعت في الذنب مرارًا، لكنك ما زلت تقاوم، وتطلب النور، وتسأل الله الخلاص، وهذا أعظم علامة على أن قلبك لم يمت، بل لا يزال فيك خير كثير، وقد قال الله: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ ٱلْمُتَطَهِّرِينَ﴾.

ثانيًا: جواب سؤالك عن الزواج، وهل رأي أهلك صحيح؟

نعم، أهلك كلامهم من الناحية الواقعية صحيح، فهم يريدون لك أن تُكمل تعليمك وتستقر قبل الزواج، وهذا أمر منطقي ومقبول، بل نقول لك وبكل صراحة: إن الأهل إذا أقدموا على عكس ما ذكروه لك، فقد لا تكون النتائج سليمة.

وكان ينبغي عليك فعله عوضًا أن تسأل: (هل أنتظر كل هذه السنوات؟)، أن تقول: (كيف أنجح وأتفوق، وأحقق في هذه السنوات ما يدفعني إلى فعل ما أتمناه وأطلبه؟).

واعلم أنه لن يقدر أحد على مساعدتك إذا ظللت على سريرك ولم تتقدم للإمام، نحن نملك أن نريك العلاج لكن المسؤول عن أخذه هو أنت بعد ذلك.

ثالثًا: خطة عملية للتعافي والخروج من الإدمان والفشل:

1. لا تكره نفسك، ولا تظن أنك انتهيت! كثيرون مرّوا بما تمر به الآن، بل أشد، ثم خرجوا من هذا النفق، وعادوا أقوياء، ناجحين، صالحين، والله أكرم من أن يُغلق باب رحمته عن عبدٍ تاب، ولو بعد ألف مرة.
2. توبتك المتكررة ليست عيبًا، قال ابن القيم: "لو تاب العبد ثم عاد ثم تاب، قُبلت توبته، ما دام يصدق في كل مرة"، فواصل التوبة، وقل: "اللهم طهّرني، واصرف عني الفاحشة، وثبّتني على العفاف، واختم لي بخير".

3. أعد ضبط حياتك بهذه الخطوات العملية:
أ) عالج الإدمان لا كذنب فقط، بل كـمرض:
- غيّر البيئة: لا هاتف وحدك، لا جهاز شخصي بلا مراقبة.
- استعمل برامج الحجب حتى لا تصل إلى ما حرم الله.
- لا تنم متأخرًا، ولا بدون تعب جسدي ونفسي.

ب) خطط ليومك: الروتين يصنع التغيير:
- استيقظ باكرًا، صلِّ، مارس رياضة خفيفة، ذاكر ساعة فقط، ثم زد تدريجيًا.
- لا تتحدث مع نفسك أنك "فاشل"، بل قل: "أنا سأبدأ من جديد".

ج) اتصل برفيق صالح:
- شخص واحد صالح تتحدث معه، يكفي لتغيير مزاجك ونفسيتك.
- ابتعد عن أصدقاء السوء ولو على الإنترنت.

رابعًا: اجعل هذه الأربع شعارك اليومي:
- أنا مسلم.
- الله عز وجل لن يضيعني.
- كل يوم جديد هو فرصة تعافٍ جديدة.
- لن أستسلم، سأقوم، وسأمشي، ولو خطوة واحدة.

أسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يُطهّر قلبك، ويجدد إيمانك، ويغسل ذنوبك، ويقوّي عزيمتك، ويصرف عنك الفتن، ويكتب لك زواجًا مباركًا، وتوفيقًا في دراستك، وفتحًا قريبًا من عنده.

وللفائدة راجع الاستشارات المرتبطة: (297229 - 1371 - 2461313 - 3731 - 26279268849).

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً