الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل قلق المخاوف الوسواسي هو نفسه الوسواس القهري؟

السؤال

السلام عليكم.

الدكتور الفاضل محمد عبد العليم، لدي بعض الأسئلة، جزاك الله خيرا.

١- هل اضطراب الهلع يسبب أمراضا عضوية؟ (فقد زرت طبيبة عامة، فقالت لي إنه يسبب أمراض القلب والسكري والضغط وأمراضا أخرى)، فهل كلامها صحيح؟ وقالت إن تكرار النوبات يضر بالقلب جدا.

٢- هل يتطور اضطراب الهلع لشيء أعظم؟ فأنا أعاني منه منذ عام ٢٠٠٦فهل ممكن أن تتفاقم الحالة؟
٣- قلتم أن اضطراب الهلع ينتج عنه وسوسة ومخاوف وتوتر وقلق، ما الفرق بين جل هذه المسميات؟
٤- هل قلق المخاوف الوسواسي هو نفسه الوسواس القهري؟ وهل يمكن يتطور لجنون؟
المرجو تمكيني من المعلومات الطبية بأمانة.

جزاك الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عاشق الهدوء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وسعداء جدًّا لمشاركاتك هذه، ونود أن نبارك لك قدوم شهر رمضان، الذي نسأل الله تعالى أن يبلغنا إياه جميعًا.

نوبات الهلع حقيقة هي من الحالات النفسية المنتشرة جدًّا، بعض الناس تستمر معهم لفترة، وبعض الناس تكون هذه النوبات مؤقتة لديهم، وأنا أؤكد لك أن هذه النوبات ليست خطيرة أبدًا، وهنالك دراسات تقول أن الذين يُعانون من نوبات الهلع يعيشون أكثر من غيرهم، هذا الكلام قد ذُكر، ونحن نقول أن الأعمار بيد الله أصلاً، فيجوز أن أقدارهم وآجالهم أطول من غيرهم، فأرجو أن تطمئني تمامًا.

كلام الطبيبة قد يكون قائمًا على أن بعض الدراسات أيضًا تُشير إلى أن القلق الحادّ المتكرر – القلق المُطبق – ربما يُشكِّلُ نوعًا من العبء على القلب، كثيرًا من الذين يُعانون من القلق الشديد والمخاوف تجد لديهم تسارعا في ضربات القلب، تجد أنه لديهم قابلية لارتفاع ضغط الدم – أو ما يُسمَّى بضغط الدم العُصابي – هذا إذا حدث ربَّما يُؤثِّر على القلب، لكن لا نرى ذلك عند نوبات الهلع؛ لأن نوبات الهلع تكون متقطِّعة جدًّا، بل متباعدة جدًّا، وبعد النوبة الأولى والثانية صاحبها يتفهّمها تمامًا ويستطيع أن يتعايش معها.

فأرجو ألَّا تنزعجي لهذا الأمر، لكن في ذات الوقت يجب أن تُعالجيها، حتى تعيشي حياة نفسية صحيحة.

بالنسبة لسؤالك: هل يتطور الهلع لشيء أعظم؟
أبدًا، كلا، بل الهلع نفسه يُعتبر أعلى درجات القلق النفسي الحاد، يُعتبر هو السقف الذي هنالك بعده أكثر منه من حيث الأعراض النفسية، فأرجو أن تطمئني تمامًا لهذا الأمر.

سؤالك الثالث: اضطراب الهلع كثيرًا ما يكون حقيقة مصحوبًا بشيء من المخاوف والتوتر والقلق والوسوسة؛ لأن الإنسان يبدأ يُؤوّل، ويبدأ يُفسِّرُ، تسارع ضربات القلب يجعل الناس مباشرة يفكّرون في الذبحات القلبية، في موت الفجاءة، في أشياء من هذا القبيل، وهذا النوع من الفكر نعتبره فكرًّا وسواسيًّا، أو هي مخاوف وسواسية.

فإذًا الوسوسة قد تكون فكرة، وقد تكون فعلاً، وقد تكون نوعًا من الطقوس، وقد تكون نوعًا من المخاوف التي تتسلّط على الإنسان ويعرف الإنسان أنها سخيفة ولكنّه لا يستطيع أن يتخلَّص منها.

أمَّا المخاوف فهي أن الإنسان يكون خائفًا من شيء مُعيَّن، خائفا من مرض، خائفا من الكوارث، يخاف من الطيران، يخاف من المرتفعات ... فهذا أمرٌ واقع، ويحسّ به الإنسان، ولا يراه سخيفًا.

والتوتر والقلق طبعًا هو ما يشعر به الإنسان من ضيقة، من أنه غير مرتاح، أنه متوتر وقلق، وأرجو ألَّا أكون فسَّرتُ الماء بالماء.

هذا هو الفرق بين هذه المسميات، لكن أؤكد لك أنها متداخلة، وكما نقول: (هي بنات عمومة) أو (أبناء عمومة)، هنالك تداخل شديد بين هذه المسميات.

السؤال الرابع: هل قلق المخاوف الوسواسي هو نفس الوسواس القهري؟ وهل يمكن أن يتطوّر إلى جنون؟
هذا حقيقة وسواس، لكن محتواه دائمًا فيه الخوف، الخوف من الكوارث، الخوف من الموت، الخوف من التلوّث، ويكون الإنسان دائمًا تحدث له هذه الاجترارات الفكرية المستمرة، لذا نعتبره وسواسًا، وتكون الفكرة فارضة لنفسها، وفي ذات الوقت يكون المحتوى تخويفي، وقطعًا لا يتحوّل إلى جنون ولا توجد علاقة بين الاثنين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً