الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب ضغوط الدراسة أصبت باختلال التوازن النفسي، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم .

أنا عمري 22 سنة، في عمر 18 سنة بذلت جهدا كبيرا في دراسة الثانوية، مع قلة النوم والتغذية، وتناول كميات كبيرة من القهوة والشاي، ورغم ذلك كنت مميزا بالتركيز والفهم الكبير، لدرجة أني كنت أحفظ كميات كبيرة، مع قدرتي على فهمها، وكنت متفوقا في دراستي.

تعرضت في يوم بعد ذلك إلى قلة النوم والضغط النفسي، مع حزن شديد وعصبية، ونمت وأنا أعاني من حزن شديد، وفي اليوم التالي أصبحت أشعر بأعراض غريبة، مثل التنميل في رأسي وصداع شديد، وأصبحت أشعر وكأني في حلم وغربة عن الواقع، وعدم الألفة لأصدقائي أو عائلتي، وتغير كامل لكل شيء حتي لنفسي.

ثم أصبحت خائفا ومتوترا من الأعراض، لذلك تطورت الأعراض وأصبحت أهمل الاهتمام بنفسي، وأصبح لدي إدمان للهاتف، مع عدم قدرتي على فهم الآخرين، وأصبح لدي ضعف في التركيز والذاكرة والانتباه، وفراغ عقلي لدرجة أني كنت لا أستطيع تحديد اليوم إن كان الثلاثاء أو أربعاء، ثم شعرت وكأني فقدت شخصيتي تماما، مع عدم القدرة على اتخاذ القرار، وفقدان الخبرات السابقة، وفقدت شعوري بالكامل تجاه الأشياء والأشخاص، أصبحت كالميت، لذلك انعزلت في المنزل لمدة طويلة، رغم أني قبل المرض كنت أحب الحياة والتنزه.

في البداية كان لدي شخصية قوية، وكنت قادرا على حل المشاكل لدرجة أن أصدقائي كانوا يستعينون دائما برأيي في حل مشاكلهم، الآن أصبحت غريبا لا أستطيع فهم نفسي، أو ما أريده، أتصرف بلا هدف.

أعاني من أعراض جسمانية، مثل طنين الأذن وصداع ونحافة، وسقوط الشعر، وأحلام مزعجة، وذهبت للكثير من الأطباء، بعضهم قال: إنه توتر واكتئاب حاد، وبعضهم قال: إنه فصام، وبعضهم قال: إنه اختلال الأنية وقلق، ولكن عندما تناولت الدواء ازدادت الأعراض، لذلك توقفت عنها، الآن أصبحت أشعر بالتحسن قليلا، لكن هناك تغير كبير جدا في طبيعتي وشخصيتي، آسف على الإطالة، أرجو مساعدتي.

وشكرا لكم مقدما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رمضان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في استشارات الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

استشارتك واضحة جدًّا، كما تفضلتَ أنه في الأصل لديك طاقات ممتازة وإيجابية جدًّا، وكنت تبذل الكثير من الجهد الأكاديمي، لكن استصحبت ذلك أيضًا بالسهر وتناول الكافيين، وهو سبب مباشر في السهر، وهذا طبعًا نتج عنه توترات داخلية، والمزيد من الإجهاد النفسي وكذلك الإجهاد الجسدي، وهذا أدَّى إلى تشويش في التركيز، وضعف المقدرات الاستيعابية، وطبعًا هذا أشعرك بكثير من الإحباط، من شخص مجتهد إلى شخص لا يستطيع أن يُركّز ويفتقد الطاقات، الناتج من ذلك هو المزيد من التشتت، المزيد من افتقاد الثقة بالنفس، المزيد من عُسر المزاج، وحتى المزيد من الاكتئاب والانعزال النفسي والانعزال الاجتماعي، وهذا الذي حدث لك حسب ما ورد في رسالتك هذه.

أنا أودُّ أن أذكّرك بشيء ضروري، وهو أنك صاحب مهارات وصاحب مقدرات، هذه لا يمكن أن تزول، نعم قد تتعطّل، قد تتأخّر، لكنّها موجودة، والآن المطلوب منك هو أن تستشعر أهمية أن تعيش حياة إيجابية، تعيش حياة طيبة، أن تعيش حياة مُنتجة، أن تكون نافعًا لنفسك ولغيرك.

إذًا الهدف يُحدد على هذا الأساس، لأن الأهداف إذا حُدِّدت ووضعت الآليات تتحسَّن الدافعية عند الإنسان من أجل الإنجاز. حدِّد أهدافك هذه ونظّم وقتك، تنظيم الوقت مهمٌّ جدًّا، تجنّب السهر، احرص على النوم الليلي، استيقظ مبكِّرًا، أدِّ صلاة الفجر، قم بعد ذلك بتمارين رياضية مثلاً، وإن كنت في مرفق دراسي اذهب إلى مرفقك الدراسي، وهكذا ... يكون لك بعد ذلك في بقية اليوم تواصل اجتماعي، يكون لك نوع من التفاعل الإيجابي مع الأسرة، تُرفّه على نفسك بشيء طيب، تحرص على الصلاة في وقتها، خاصة مع الجماعة، تقرأ، استمتع بالحياة ... وهكذا.

إذًا كل الذي أطلبه منك هو أن تتجاهل هذه الأعراض تمامًا، وتُطبّق هذه الآليات الإرشادية الإيجابية. هذا هو المخرج العلاجي الحقيقي في حالتك، بغض النظر عن هذه المسمَّيات (اكتئاب، فصام، خلافه ...) أنا لا أعتقد أنه لديك أي مؤشر من مؤشرات الفصام، والذي تعاني منه الآن هو إحباط وضعف في الدافعية، وليس أكثر من ذلك، والعلاج هو الأسس التي ذكرتها لك، فأرجو أن تحرص على ذلك.

وليس هنالك ما يمنع أن تتناول أحد الأدوية البسيطة جدًّا التي تُحسّن الدافعية والمزاج، الدواء هو (فلوكستين) والذي يُسمَّى تجاريًا (بروزاك) وفي مصر يوجد منتج محلّي ممتاز اسمه (فلوزاك). أنت تحتاج لجرعة صغيرة من هذا الدواء، وهي كبسولة واحدة (عشرون مليجرامًا) يوميًا، تتناولها صباحًا لمدة ستة أشهر، ثم تجعلها كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذه هي نصائحي لك، ونحن سعداء بمشاركتك وثقتك في إسلام ويب، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً