الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وسواس قهري في كل رمضان، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم.

جزاكم الله كل الخير على موقعكم الرائع، أرسل لكم كثيرا، وأشعر بالارتياح الكبير عندما تردون علي.

أعاني من وسواس قهري في الصيام منذ 18 عاما، لكني لا أستطيع الذهاب لطبيب نفسي، ولا أخذ دواء، فأعتمد عليكم في الدعم النفسي، كل عام بعد رمضان، أطلب دعمكم وتردون علي وأشعر براحة كبيرة.

في رمضان الماضي شعرت أني شربت بعد الفجر في رمضان، بعدها سمعت صوتا يقول لي طالما شربت بعد الفجر، فأفطري باقي اليوم، وشعرت بيقين أني أفطرت باقي اليوم، وصرت أبكي، بعدها قلت لنفسي طالما أني أعاني من وسواس قهري، احتمال هذا يكون وسواس؟ فهل هذا يقين أم وسواس؟ وهل أفطرت باقي اليوم أم لا؟

وشكرا، سامحوني لأني أرسل لكم بعد رمضان كل عام، جعله الله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نعمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، لديك استشارات سابقة بخصوص هذا الموضوع، وقد تمت الإجابة عليها.

المبدأ السليم فيما يتعلق بالوسواس القهري هو أن يتم علاجه بصورة كاملة وفاعلة، العلاج الدوائي والعلاج النفسي يكمِّلان بعضهما البعض، والوساوس الفكرية تستجيب للعلاج النفسي والعلاج الدوائي بصورة رائعة جدًّا.

العلاج النفسي له ثلاث أسس: أوَّلها رفض الأفكار. ثانيًا: صرف الانتباه عن الأفكار، وثالثها: التنفير من الأفكار.

بالنسبة للتطبيق الأول يتكون من خطوات مُعينة: أولاً تُحددي الفكرة الوسواسية، وبعد ذلك تُخاطبينها قائلة: (قف، قف، قف، أنت فكرة حقيرة، أنا لن أهتمّ بك أبدًا، أنا أتجاهلك) وهكذا تُكررين هذا القول عدة مرات حتى تحسّين بشيء من الإجهاد، وهذا التمرين يجب أن يستغرق على الأقل ثلاث دقائق.

التمرين الثاني هو ما يُسمَّى بصرف الانتباه: تفكرين في الفكرة الوسواسية دون تعمُّق فيها، وفجأة تنتقلين إلى فكرة أخرى، مثلاً تتأملين حركة التنفس لديك، وكيف أن الهواء يدخل إلى الرئتين، وكيف أن الأكسجين ينتشر في الجسم، وكيف أن هذا الأكسجين ينشر الطاقات في الجسم، وتبدئين في عدِّ التنفُّس لمدة دقيقتين مثلاً، وهكذا... الهدف من هذا التمرين هو أن تستجلبي فكرة تعلو على الوسواس، فكرة أعظم وأهم من الوسواس، وهو يتطلب شيئًا من التأمُّل والاستغراق الذهني، وهكذا يمكن أن تستجلبي عدة أفكار ممتازة لتعلو على الوسواس.

التمرين الثالث وهو (التنفير): تربطين الفكرة الوسواسية بمنفِّر، مثلاً: اجلسي أمام طاولة وأيضًا قومي باستجلاب الفكرة الوسواسية، ودون تأمُّلٍ فيها أو تحليلٍ لها قومي بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى تحسّين بالألم، الهدف هو أن يرتبط الألم بالفكرة الوسواسية، ويُكرر هذا التمرين عشرين مرة متتالية. علماء السلوك وجدوا أن هذا الربط ما بين إيقاع الألم – وهو طبعًا إحساس مرفوض لدى الإنسان – حين يرتبط هذا الإحساس المرفوض للوسوسة سوف يضعف الوسواس. وهذا التمرين يمكن أن يُطبق بطرقٍ أخرى، مثلاً بدل الضرب على يدك تقومي بشمِّ رائحة كريهة، وتربطيها بالفكرة، وهكذا ...

إذًا هذه هي التمارين السلوكية السليمة والصحيحة والمجرّبة والمعروفة، إذا جُرِّبت وطُبِّقت بجدّية وتفكُّرٍ وتمعُّنٍ واستغراق ذهني ستفيدك كثيرًا.

أنا أيضًا سوف أصف لك العلاج الدوائي لأني أراه ضروريًّا جدًّا، يُكمّل العلاج السلوكي. عقار (فافرين) والذي يُسمَّى علميًا (فلوفوكسامين) سيكون هو الدواء الأمثل بالنسبة لك، لأنه لا يُسبِّب أي إدمان، ولا يتفاعل سلبيًا مع الهرمونات النسائية، ولا يُؤدّي إلى زيادة في الوزن، تبدئين بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوع، ثم تجعلينها مائة مليجرام ليلاً، وهذه جرعة كافية جدًّا في حالتك، وهي جرعة صغيرة، حيث إن الجرعة الكلِّية هي ثلاثمائة مليجرام يوميًا، لكنّك لا تحتاجين لمثل هذه الجرعة.

استمري على جرعة المائة مليجرام ليلاً من الفافرين لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضيها إلى خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

من الضروري جدًّا تناول الدواء وتطبيق التطبيقات السلوكية التي ذكرناها لك، لأن هذا هو العلاج الصحيح.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً