الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يستوجب السهر لمن يريد طلب العلا؟

السؤال

السلام عليكم..

قال الشافعي (رحمه الله):

"بقدر الكد تكتسب المعالي، ومن طلب العلا سهر الليالي"، فهل معنى هذا أن الذي يريد العلا لن يحصل عليه إلا بالسهر؟ حيث أني أسهر طوال الليل لطلب العلم.

أم أن المقصود هنا بالسهر الجد والاجتهاد ونبذ الراحة والكسل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hm Qm Alanzi حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا

لا شك أن المراد من البيت الشعري للإمام الشافعي أصالة هو المعنى الثاني، وهو بذل الوسع والجهد سواء في الليل أم في النهار، أما تخصيص الليل للسهر، فهو وإن كان مكانًا منصوصا عليه في البيت الشعري، إلا أن المراد به هو المعنى الثاني المشار إليه آنفا.

ويدل لذلك أن الليل مكان للراحة والنوم، والنهار للجهد والتعب، وهذا هو نص الآية الكريمة : (وجعلنا الليل لباسا * وجعلنا النهار معاشا). النبأ (١٠-١١)، وهذا هو الوضع الطبيعي للحياة البشرية.

على أن طلب العلم له أبعاد متعددة، ولا يتوقف على مجرد بذل الجهد ليلا أو نهارا.

فعلى سبيل المثال، لا بد من اتباع المنهجية الصحيحة في طلب العلم، سواء كان هذا العلم يخص علوم الشريعة، أم يخص العلوم الطبيعية، فلكل علم مناهجه الخاصة وسلمه التعليمي الذي ينبغي أن يسلكه الطالب.

وهناك ما يتعلق بطرائق التفكير الناقد، وطريقة البحث العلمي للمسائل العلمية بطريقة متجردة محايدة.

والأهم من ذلك كله أن تكون النية المعقودة لطلب العلم هي رضا الله عز وجل أولا وآخرًا. قال الله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ } [الزُّمَر: 9].

وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْماً مِمَّا يُبْتَغَى بهِ وَجْهُ الله عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ بهِ عَرَضاً مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَعْنِي رِيحَهَا». أخرجه أبو داود وابن ماجه.

وهذا هو الفرق بين علوم الشريعة التي يبتغى بها وجه الله تعالى أصالة، وبين العلوم الأخرى التي يبتغى بها وجه الله تبعا، فمن تعلم القرآن والفقه، فهذا لا بد من قصد وجه الله أصالة، بخلاف ما لو تعلم الهندسة أو الطب، فهذا لا تلزمه النية، لأنها مهنة يتكسب منها، لكنه يمكن أن يدخل عليها النية تبعا ليكسب أجرها.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً