الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل اليود المشع يؤدي لتغيرات هرمونية ونفسية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على مجهوداتكم، والحمد لله الذي جعلكم في خدمة خلقه.

مشكلتي أني أعاني من نوبات قلق وخوف وحزن، وضعف تركيز، كل هذا حصل لي بعد علاجي باليود المشع لعلاج فرط نشاط الغدة الدرقية التي أصبت بها تقريبًا منذ خمس سنوات، إحساس بالوحدة بعد العزل والحزن لفراق أولادي، وكثير من المشاعر المختلطة والأعراض التي انتابتني بعد تناولي لليود المشع، والكورتيزون الذي قد وصفه لي الطبيب للحد من جحوظ العين.

اليوم هو الـ 17 من أخذ جرعة اليود المشع، وقد عدت إلى أولادي، ولكن بنفسية منهكة وحزينة ومكتئبة قليلاً مع نوبات هلع.

هل هذا الأمر طبيعي؟ وهل هو من الآثار الجانبية للأدوية، والشعور بالوحدة أم أن هناك تغيرات هرمونية بسبب الإشعاع الذي يؤدي إلى خمول الغدة الدرقية، وظهور أعراضها؟ وهل هي مؤقتة؟

جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أيتها الفاضلة الكريمة: طبعًا نشاط الغدة الدرقية في حدِّ ذاته – وبعد ذلك عجزها إن حدث – قد تتأتَّى عنه أعراضٍ نفسيّة كثيرة، منها: الشعور بالقلق والتوتر، وشيء من عُسر المزاج.

الآن أنت تمّ إعطاؤك اليود المُشع، وكذلك الكورتيزون، ومن وجهة نظري أن هذه التغيُّرات النفسية التي تُعانين منها -إن شاء الله تعالى- هي تغيُّرات وقتيّة ظرفيَّة، هذا نسميه بـ (عدم القدرة على التكيُّف)، كما أن النفس – في بعض الأحيان – لا تتكيّف على أوضاعٍ مُعيّنة، كذلك الجسد وما يحمله من هرموناتٍ وموصِّلاتٍ عصبيّة.

أنا أرى أن هذا التغيُّر إن شاء الله تعالى هو تغيُّرٍ ظرفي آني، وسيختفي تمامًا بعد أن تستقرّ الأمور، وقد شاهدنا الكثير من هذه الحالات، خاصَّة العلاج بالكورتيزون، وكذلك التغيُّر المفاجئ في مستوى إفراز هرمون الغدة الدرقية قد ينتج عنه هذه التفاعلات.

أنا أريدك أن تكوني مطمئنة، أن تكوني إن شاء الله في جانب الأمان، وأن تكون مشاعرك إيجابية، ولا تُوسوسي حول الموضوع، وسل الله تعالى أن يحفظك.

طبعًا الأمر يتطلب بعض المتابعة، لا تنزعجي لهذا الأمر، لأن المتابعة حقيقة هي أحد الثوابت المهمّة في الطب، فأنت مثلاً: تحتاجين أن تتابعي مع طبيب الغدة للتأكد من وظائف الغدة الدرقية.

نعم اليود المُشع قطعًا مفيد جدًّا للحدِّ من نشاط الغدة الدرقية، لكن في بعض الأحيان قد يصل الأمر إلى حدوث عجز كامل في إفراز الغدة الدرقية، وهذا قد يتطلَّب أن يتناول الإنسان هرمون الـ (ثيروكسين) الذي يُنشِّط الغدة الدرقية، أو كعلاج تعويضي.

كلامي هذا لا أريده أن يُزعجك، على العكس تمامًا، أريده أن يكون وسيلة لأن تطمئني، وأنا متأكد أن الطبيب قد شرح لك هذا الأمر.

الحالة من وجهة نظري هي حالة مؤقتة، فحاولي أن تتكيّفي مع هذا الوضع، ولا تعزلي نفسك أبدًا، افرحي بكل جميل في حياتك، ونظّمي وقتك، وحاولي أن تنامي مبكِّرًا، نومًا مُريحًا، لأن هذا إن شاء الله يُولّد عندك طاقات إيجابية، ويُحسِّنُ التركيز لديك. اهتمّي أيضًا بغذائك، وأي رياضة ممكنة – كرياضة المشي – أيضًا أراها مهمّة ومفيدة بالنسبة لك.

لا أرى أن هذه الأعراض في الوقت الحاضر هي أعراض خمول للغدة الدرقية، وإن كان هذا متوقع، لكن التغيُّرات النفسية إن حدثت لا تحدث بهذه السُّرعة.

تابعي مع طبيبك، وكوني أكثر تفاؤلاً، ولا تُعطّلي أبدًا أنشطتك الحياتية اليومية: إشرافك على منزلك، إشرافك على أولادك، على زوجك، الحرص على العبادات، الحرص على التواصل الاجتماعي، كلّ هذا مفيد ومطلوب ومهمّ جدًّا، ويمكنك مراسلتنا في أي لحظة إذا لم تحسّين بتحسُّن، وإن كنت أتوقع أن التحسُّن إن شاء الله سيأتي، الأمر كله مرتبط بما نسميه بعدم القدرة على التكيف، وهذا أمرٌ آني، وإن شاء الله تعالى تتحسَّن أحوالك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً