الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوهم المرضي والوسواس النفسي المزمن، ما العلاج برأيكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على هذا الموقع المفيد الذي يساعد كل القراء فيه على إيجاد جواب لأسئلتهم، انا شخصيا أبحث في هذا الموقع كلما ضاقت بي الحياة وشعرت بالخوف أو القلق، ولكن اليوم قررت ان ابعث لكم رسالتي واشرح حالتي.

أنا متزوجة ولدي طفلان -والحمد لله- أعاني منذ سنين من بعض الوساوس: وسواس الموت، وسواس المرض، وسوسة النفس، وسواس عندما أقرأ القرآن الكريم، أكرر الآيات مرارا وتكرارا خوفا من أنني قد قرأته خطأ، إذا قلت في نفسي.

عندما أقرأ القرآن تأتيني فكرة أنني لا أخاف الله، وأنه لا فارق لدي إن قرأته خطأ، وحتى عند قول الشهادة أحاول تهجئة كل كلمة على حدة، خوفا من نطقها بالغلط، هذا الأمر يضغط علي كثيرا -سبحان الله-، -كما ذكرت سابقًا-.

أعاني أيضا من وساوس الموت والمرض، فإذا سمعت عن أي حالة وفاة أو مرض أصاب بالهلع والخوف وأتخيل موتي وأولادي، وبسبب التوتر والقلق الدائمين أعاني من القولون العصبي، وأعراض جسدية تأتي دائما بصورة مختلفة مما يجعلني أشك أنني أعاني من مرض خطير، وأنني سأموت، أحاول شرح كل كلمة أو فعل، أو عرض جسدي فأخرج بنتيجة: أنني كنت حاسةً بالأمر، أخاف من زيارة الطبيب والمعاينة رغم ان كل الفحوصات كانت للآن سليمة -والحمد لله-.

هذه الأفكار تجعل حياتي متشائمة، وأفقد الرغبة في فعل الكثير من الأشياء، وأفقد الوزن كثيرا ما يجعلني أقلق.

آسفة على الإطالة ، وأعرف أن رسالتي ليست مفصلة، ولكنني أرجو أن تكون مفهومة، حاولت اختصار الأشياء.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سامية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على كلماتك الطيبة حيال هذا الموقع، وأنا أؤكد لك أن رسالتك بالرغم أنها غير مفصلة ولكنّها كافية ووافية جدًّا، وإن شاء الله تجد مِنَّا العناية المطلوبة.

الذي استخلصته أن حالتك هي حالة نفسية بسيطة، لا أرى أبدًا أنها وصلت لمرحلة المرض، إنما هي ظاهرة، وتتميز هذه الظاهرة بوجود ما نسميه بقلق المخاوف، وقلق المخاوف كثيرًا ما تشوبه بعض الأفكار الوسواسية هنا وهناك، والخوف من الموت أمر شائع جدًّا وسط الناس، نسأل الله تعالى حُسن الخاتمة.

أيتها الفاضلة الكريمة: هذه الظاهرة يتم علاجها أولاً: من خلال عدم الاسترسال في هذه الأفكار الوسواسية والقلقية، متى ما أتتك الفكرة حاولي أن تُوقفيها وتستبدليها بفكرة أخرى، وهذا علاج مفيد جدًّا، لأن تحليل الأفكار القلق والخوف والوسوسة تُؤدي إلى المزيد من الاستحواذ والمزيد من الإلحاح من جانب هذه الأفكار، حتى تُصبح مُطبقة على الإنسان، لذا نقول للناس: حقّروا هذه الأفكار، تجاهلوها تمامًا. واستبدليها بفكرة مخالفة، مثلاً حين تأتيك هذه الأفكار وما يتعلق بحديث النفس ووساوس الموت وخلافه؛ استبدليها بفكرة أخرى، فكرة جميلة، فكرة تكون أكثر نفعًا، تذكري عيالك، تذكّري زوجك الكريم، تذكّري دينك، تذكّري أشياء كثيرة في الحياة جميلة وجميلة جدًّا.

فإذًا استبدال الأفكار بما مخالفٌ لها وتحقيرها وتجاهلها وعدم الاسترسال فيها، بل عدم إخضاعها للمنطق؛ لأنها لا تقوم على المنطق.

وأيضًا تمارين الاسترخاء مفيدة، دائمًا نذكر هذا الأمر، لأنها بالفعل مفيدة، خاصَّةً إذا كانت هنالك أعراض نفسوجسدية، مثل ما تعانينه من قولون عصبي وأعراض جسدية أخرى، لأن استرخاء النفس يُؤدي إلى استرخاء الجسد. فطبقي تمارين الاسترخاء، وتوجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، كما أن إسلام ويب أعدت استشارة رقمها (2136015) فيها بعض الإرشادات الجيدة والمفيدة حول تمارين الاسترخاء.

بقي أن أقول لك وبما أنك قد فقدت وزن؛ هذا يُحتّم علينا أن نصف لك أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، الدواء دواء سليم، دواء فاعل، يُسمَّى (اسيتالوبرام) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (سيبرالكس) وربما يوجد في ألمانيا تحت مسميات تجارية أخرى، الدواء يأتي في عبوة عشرة مليجرام وعشرين مليجرامًا، ابدئي بجرعة خمسة مليجرام - أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام - تناولي جرعة البداية هذه لمدة عشرة أيام، ثم اجعلي الجرعة عشرة مليجرام لمدة أسبوعين، ثم عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، وهذه هي الجرعة والفترة العلاجية المطلوبة، بعد ذلك خفضي الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.

التدرُّج في تناول الدواء مهمٌّ جدًّا، وكذلك التدرُّج في التوقف من الدواء مهمٌّ جدًّا، كل ذلك مطلوب، والدواء -كما ذكرتُ لك- سليم وفاعل جدًّا، وغير إدماني، ولا يُؤثر أبدًا على الهرمونات النسائية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك مرة أخرى على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً