الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحب العزلة والوحدة والنفور عن الناس

السؤال

في السنوات الأخيرة أصبحت أحب العزلة والوحدة والنفور عن الناس.

1- حالياً أمشي وحيداً، ولا أرافق أحداً منذ 7 سنوات إلا إذا طلب أحد مني مرافقته، أحس بمتعة في الوحدة والابتعاد عن الناس، كما أنني أميل لأفلام وثائقية تشجع على العودة للطبيعة الأم.

2- أيضاً تراودني أفكار للموت، ولكن بطريقة مشرفة بعيداً عن الانتحار، بمعنى أنني أمقت الوضع الحالي المجتمعي، وأتمنى الصدام والموت على مبدأ إصلاحي تصحيحي، مثلاً أعارض سياسات السلطة وهكذا، لذلك دائماً ما يجول في فكري لحظة إعدامي، ويومياً أكرر هذا المشهد داخل ذهني.

3- أتمنى من صميم قلبي الانعزال عن الناس، والتخلي عن المسؤوليات المفروضة علي، والعيش بعيداً في أرض ريفية مع شيء من المسليات كتربية الماشية مثلاً.

4- لدي بعض الاعتراضات تجول في ذهني على أمور هي من صلب الحياة، مثلاً أكره الزواج والطريقة التي ينجب بها البشر، وأقول لماذا بهذه الطريقة الجارحة يتم الإنجاب وهكذا أي أنني أعارض مسلمات الكون.

5- أشعر بخمول وأتعب من أتفه الأشياء وأكره القيام بأي عمل حتى وإن كان داخل البيت.

6- مدمن على الأغاني الحزينة، وفي الوقت ذاته أحس بمتعة عند سماعها.

7- التفكير العميق في الماضي والشعور بالألم العاطفي حيال كل شيء مضى حتى وإن كان سيئاً لي في وقته كقصة حب فاشلة قديماً، أتمنى أن تعود تلك الأيام مع أنها لم تكن من نصيبي أنذاك.

وهناك بعض من الأعراض المشابهة لما سبق، أتمنى تجيب مشكوراً؛ لأن دخول مستشفى نفسي أمر غير محبب حتى للاستشارة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ H.KH حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

رسالتك واضحة - أيها الفاضل الكريم - وأعتقد أن الأمر يتعلَّقُ بشخصيتك، فكما تفضلت شخصيتك تحبّ الانعزال، ولكنّه ليس الانعزال السلبي، بمعنى أنه تراودك أفكارًا كثيرة، لأن صاحب الانعزال السلبي يُعاني من فراغ ذهني كبير، وفراغ زمني في ذات الوقت، لكن أنت لديك نشاط ذهني، لديك نشاط فكري، لديك نشاط وجداني داخلي، وإن كان ذو طابع خاص، لكنّا نعتبره أيضًا نوعًا من التفكير الذي يتعلَّقُ بشخصيتك.

فإذًا شخصيتك تحمل هذه السمات - سمات الانعزال - وفي نفس الوقت طبعًا لديك ميولاً للتفكُّر والتأمُّل، لكن بصيغة وسواسية جدًّا، هذا واضح جدًّا من حواراتك التي تجريها مع نفسك، وكما تفضلت لديك عُسر مزاجي، وهو درجة بسيطة من الاكتئاب النفسي، حيث إن معظم محتوى أفكارك التي طرحتها ليست ذات طابع إيجابي، وكثيرًا من الناس يُهيمن عليهم الفكر السلبي التشاؤمي أوَّلاً، ثم بعد ذلك يدخلون في العُسر المزاجي أو الاكتئاب النفسي.

فتقريبًا هذا هو تحليلي لما ورد في رسالتك، وطبعًا حالتك تحتاج أيضًا للمزيد من المناظرة والمحاورة المباشرة مع الطبيب النفسي المختص، طبعًا أنصحك وبكل قوة أن تُخرج نفسك من هذه العزلة، أن تبني مبدأ جديدًا، وهو: أن تعيش كما يعيش بقية الناس، والتواصل الاجتماعي من الأشياء المهمّة في حياة البشر، وأن تكون لك برامج - يا أخي - يوميةً، تُديرُ من خلالها وقتك، وهذا قطعًا يُخرجُك من العُزلة، وكلّ فكرٍ سلبي أو وسواسي يجب أن تُحقّره، وألَّا تخوض فيه؛ لأن الحوار الوسواسي مع الذات يُعمّق الأفكار السلبية الوسواسية المُخيفة.

وغالبًا أيضًا تستفيد من أحد الأدوية المضادة للقلق الوسواسي والمُحسِّنة للمزاج، وأعتقد عقار (بروزاك) والذي يُسمَّى علميًا (فلوكستين) سيكون دواءً مناسبًا جدًّا في حالتك، الجرعة هي عشرين مليجرامًا - كجرعة بداية - تستمر عليها لمدة شهرٍ، ثم بعد ذلك تجعلها أربعين مليجرامًا - أي كبسولتين - لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها كبسولة واحدة (عشرون مليجرامًا) يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

وقطعًا - يا أخي - الدخول في برامج عملية: كممارسة الرياضة جماعية، الدراسة مع زملائك الطلاب، صلة الأرحام، الصلاة مع الجماعة، أن تكون عضوًا فعَّالاً في أسرتك ... هذه إضافات مهمّة ومرغوبة لأن يتطور الإنسان نفسيًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً