الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض الأهل للخاطب لبعد بلده

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 20 سنة، وقعت في ذنب عظيم وكبير أحاول أن أبتعد عنه أو أن أجد حلاً لكن دون فائدة، لقد تعرفت على شاب وأنا في 16 من عمري عن طريق الصحبة السيئة، لو كان بيدي أن أعيد الماضي لبعدت عن هؤلاء الفتيات لكنني أحمد الله أن هذا الشاب كان صادقاً ولم يلعب بي.

تقدم لخطبتي وأنا في 16 من عمري لكن أهلي رفضوا والسبب الأول أمي تقول ما بني على خطأ فهو خطأ، وأن الزواج عن طريق العلاقات يفشل ولا يستمر، والسبب الثاني أنه يسكن بمدينة وأنا بمدينة أخرى وهي لا تريدني أن أبعد عنها.

تركت هذا الشاب بعد رفض أهلي... لكنني فترة وعدت إليه لم أستطع تركه لأنني كنت متعلقة به كثيراً وأحبه كثيراً.

مرت الأيام والسنوات حتى أصبحت 4 سنوات و7 أشهر...وحبي له زاد وأصبحت متعلقة به لدرجة الجنون...وأعلم كل صغيرة وكبيرة في حياته.
كنت أعيش معه لحظات سعادة وغفلة ولحظات أفوق من غفلتي وأشعر بتأنيب الضمير وأتعذب وأحاول أن أتركه، وألتجئ إلى الله طالبة منه الهداية والصلاح والبعد عن الحرام وأشغل وقتي بما يرضي الله لكن عذابي يزيد، وأحس بضيق وتعب، أريد أن أعرف لماذا أشعر بالألم والضيق وأنا تركته؟؟ لماذا لا أشعر بالسعادة والراحة لأنني تركت ذنباً عظيماً كنت أفعله؟

هذا الشاب حاول نفس الشيء معي وحاول أن يبعد ليساعدني لكن بدون أي فائدة، آخر شيء قررنا أن يتقدم مرة أخرى ويحاول مع أهلي لكن الرفض كان قرار أهلي، لا أعلم كيف أقنعهم وأغير وجهة نظر أمي بأن الفتاة لابد أن تذهب مع زوجها حيث يكون، والمشكلة أن هذا الشاب حاول أن يأتي ليعيش في المدينة التي أنا أعيش فيها لكن أهله رفضوا وقالوا له: اذهب وتزوجها من دوننا، والمشاكل من كل جهة، أريد حلاً أرجوكم، من يساعدني؟ أريد نصيحة تفيدني؟

وأريد أن أسأل:
- هل أهلي يتحملون الذنب لأنهم رفضوا وهم السبب في استمراري بهذه العلاقة كل هذه السنين بالحرام مع أنهم كان بيدهم أن يوافقوا وأعيش معه بالحلال؟

- علاقتي مع هذا الشاب ليست فقط علاقة حب بل كان بيننا علاقة دينية فمثلاً في رمضان نختم القرآن سوياً وأيضاً قبل الأذان كنت أكلمه وأقول أدعية وأذكار وهو يرددها ورائي أو العكس... هل هذه أشياء نثاب عليها أو نعاقب عليها؟
جزاكم الله كل خير.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المسكينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد :
فنسأل الله أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يلهمك رشدك، ويعيذنا جميعاً من شرور أنفسنا!

فإن الشيطان يحزن لتوبة التائبين، ويحرص على أن يدخل الحزن عليهم، ويملأ قلوبهم باليأس والقنوط، حتى يردهم إلى أيام الظلمات والغفلات، وتأكدي أن هذا الضيق لن يستمر إذا صدقت في توبتك، وأخلصت في رجوعك إلى الله، فواجهي ذلك بمزيد من التلاوة والذكر والإنابة، إلى من يفرح بتوبة من يتوب الله، ويقبل توبة من يعود إليه.

وقد صدقت الوالدة في كلامها، وليتها رفعت ذلك الشعار في وقت مبكر، وكررت تلك الحقيقة على آذانكم، فإن المقدمات الخاطئة، توصل إلى النهايات الفاشلة، والشيطان الذي هيأ للمعصية بالأمس، هو الشيطان الذي يسعى لخراب البيوت، وذلك بتذكير كل طرف بحياة شريكه، ويشعره بأن الخيانة تكرر فتبدأ الشكوك والمشاكل، ولا شك أن العلاقات قبل الزواج خصم على السعادة الزوجية، وقد أثبتت فكرة التعارف الطويل والتوسع في العلاقات العاطفية فشلها، حتى في البلاد الغريبة، وأدركوا أنها من أهم أسباب الفشل الذي يلاحق أسرهم ويدمر حياتهم، ولا عجب في ذلك، فإنها علاقات تبنى على الكذب والمجاملة والخداع، ويحاول كل طرف الظهور بأحسن ما عنده، ويخفي تماماً السلبيات التي يفاجأ به الطرف الآخر، ومن هنا قالوا : ( كل خاطب كاذب) فلا تصدقي عواطفه فإن له ضحايا أخريات، وهؤلاء الشباب، متخصصون في العبث بالعواطف (( والغواني يغرهن الثناء)).

أما إذا تاب هذا الشاب، وحسنت توبته، ورجعت أنت إلى الله، وصبرت على طريق الطاعات، وتوقفت عن الاتصالات، فأرجو أن تتغير وجهة نظر الوالدة، مع أننا في كل الأحوال نفضل أن تفوزي بصاحب الدين، الذي يلتزم بآداب الإسلام، ولا يعترف إلا بالعلاقات الشرعية، وأرجو أن يجتهد إخوانك وأرحامك في معرفة أحوال هذا الشاب والتأكد من قدرته على تحمل المسئوليات، ورعاية الأمانات.
واعلمي أن رفض أهلك لذلك الشاب لا يبرر لك الاستمرار في الخطيئة، وسوف تقفين وحدك بين يدي الله الذي لا تخفي عليه خافية، فاتق الله في نفسك، وفي سمعة أسرتك واعلمي أن الله سبحانه يمهل ولا يهمل، فكوني في غاية الحذر، وابتعدي عن الفحشاء والخطر.
وأرجو أن لا يحرمكم الله ثواب طاعته، ولكنك لست مكلفة بدعوة الشباب الأجنبي، أو الدخول معه في أدعية وأذكار، وسنن وآداب، وأنتم تخالفون بعلاقاتكم السنة والكتاب، ولماذا لا تكون هذه النصائح بينك وبين إحدى الصالحات، فاشغلي نفسك بطاعة الله والتمسي لنفسك رفيقات صالحات، واذهبي إلى مراكز العلم والقرآن، وفوضي أمرك إلى الرحيم الرحمن.

وتذكري أن كل والدة حريصة على سمعة فتاتها، ومصلحتها، فهي لا تريد أن يقول لك هذا الشاب أو غيره: لقد كنت كذا كذا، ولو كان عندك أهل ودين لما فعلت وفعلت، وعندها سوف يقع الفأس في الرأس، ونعوذ بالله من الشيطان الخناس، ومن شر ألسنة الناس.

والله ولي التوفيق والسداد!




مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً