الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب شعوري بالهم والضيق المستمر؟

السؤال

السلام عليكم.

أحس بالضيق وأن ثقلا في قلبي عندما أستيقظ من النوم يوميا، وأعاني من الانفعال السريع مع أقل نقاش، أحس بالغضب بسرعة، ووزني يقل بشكل كبير، نحفت كثيرا، وتوجد خلافات عائلية شديدة في البيت، وأنا أتأثر بها وأتذكرها وأبكي بدون سبب، وحتى عندما يكون قد انتهى الموقف، كلما أرى شخصا حزينا أتأثر أكثر منه، وخصوصا الوالدة.

أعاني من رعشة خفيفة في أطراف يدي، وخصوصا حين ممارسة شيء دقيق، مثل إدخال الخيط في الإبرة، أو إعطاء حقنة، علما أني أدرس الطب، وصرت أخشى أن أكون غير دقيقة في عملي بسبب الرجفة التي في يدي، وهذا ليس خوفا، لأني عندما أكون غير ممكسة بشيء توجد رجفة خفيفة في أصابعي، صرت أعتقد بسبب العصبية والحساسية الشديدة أن يدي أصبحت هكذا، ولكن هذا منذ أن كنت صغيرة، فلا أقدر أن أرد أصابعي بصورة مستقيمة، وكذلك مهما كنت سعيدة فكأن جزءا من قلبي يكون حزينا.

عندما أقرأ القرآن وأصلي يختفي، ثم يعود، وصرت لا أحب الدخول في العلاقات، فقط زميلات، لا أحب أن أكون علاقات وصداقات شديدة، أو أن أهتم بشخص يحبني، رجاء تفسير حالتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

الذي يظهر لي أن شخصيتك تحمل سمات القلق وسرعة الانفعال، وهذه حقيقة من سمات الشخصية المعروفة، ولا نعتبرها مرضًا نفسيًّا حقيقيًّا، هي ظاهرة. طبعًا لديك أعراض جسدية كثيرة، أعتقد كلها ناشئة من سرعة الانفعال، لأن سرعة الانفعال يُؤدي إلى زيادة في إفراز مادة الأدرينالين، وهذا قطعًا له آثار جانبية كثيرة، خاصة ظهور الرعشة الخفيفة، وزيادة اليقظة والتحفُّز عند الإنسان، ممَّا يُؤدي إلى مزيد من الانفعال والقلق.

أيتها الفاضلة الكريمة: بما أن لديك نقصا في الوزن أيضًا -بجانب الأعراض النفسية التي تحدثت عنها والرعشة - أفضّل أن تقومي بإجراء فحوصات طبية، أرجو أن تتأكدي من مستوى هرمونات الغدة الدرقية، لا تنزعجي لكلامي هذا، لكن يُعرف أن زيادة إفراز هرمونات الغدة الدرقية تُؤدي إلى سرعة الانفعال، وتُؤدي إلى الرجفة، وتؤدي إلى نقص في الوزن، وإجراء الفحوصات ستكون فرصة طيبة لك لأن تعرفي مستوى قوة الدم لديك، ووظائف الكبد، ووظائف الكلى، ومستوى السكر، ومستوى الهيموجلوبين، لأن هذا أمر مهم جدًّا، أيضًا فقر الدم كثيرًا ما يؤدي إلى سرعة الانفعال والنحافة. هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: أريدك أن تُعبري عن نفسك، لا تكتمي، لأن الكتمان يُؤدي إلى احتقان نفسي داخلي، وهذا ينتج عنه قطعًا زيادة القلق والتوتر والأعراض النفسوجسدية التي تحدثت عنها.

من المهم جدًّا أن تُحسني إدارة وقتك، جميل أنك تدرسين الطب، و-إن شاء الله- هو تخصص ممتاز جدًّا، أسأل الله لك التوفيق، ومن أهم وسائل النجاح هو حُسن إدارة الوقت، وأفضل ركيزة يعتمد عليها الإنسان في إدارة الوقت هي تجنب السهر والنوم الليلي المبكر، لأن النوم الليلي المبكر يؤدي إلى استرخاء تام في العضلات الجسدية، والموصلات العصبية الدماغية، وهذا ينتج عنه ما يمكن أن نعتبره ترميمًا كاملاً للنفس وللجسد، يستيقظ الإنسان على ضوء ذلك مبكّرًا، يُؤدي صلاة الفجر، ويكون حسن التركيز، ويكون هنالك شعور بالأريحية والقبول لليوم وللحياة عامة، وهذا الوقت فرصة ممتازة جدًّا لأن تدرسي فيه - أي الصباح الباكر - لأن في البكور بركة وفيه خير كثير، وقبل أن تذهبي إلى مرفقك الدراسي - أي إلى جامعتك - يمكن أن تدرسي لمدة ساعة، وهذه الساعة تُعادل على الأقل ساعتين من الزمن في بقية اليوم.

أريدك أيضًا أن تُطبقي تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس التدرّجي، وتوجد حقيقة عدة برامج على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة تمارين التفس التدرجي، وكذلك تمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها، ثم ضرورة الاستغراق الذهني، والتأمُّل الإيجابي، وأن تُطبق هذه التمارين في مكانٍ هادئ داخل الغرفة مثلاً.

سيكون من الجيد - أيتها الفاضلة الكريمة - إذا تناولت أحد مضادات القلق، هنالك دواء بسيط جدًّا يُسمّى (ديانكسيت) أتمنّى أن تجديه، وأعتقد أنه موجود في السودان، تناوليه بجرعة حبة واحدة يوميًا لمدة شهرين، ومن وجهة نظري هذا يكفي تمامًا.

دائمًا كوني في الجانب الإيجابي من ناحية التفكير والمشاعر، وأعجبني كثيرًا أن حالتك تتحسّن جدًّا مع الالتزام بالصلاة وقراءة القرآن، إذًا (علمتِ فالزمي)، وهذه طبعًا من المعينات العظيمة، فالتزمي بذلك واستمري عليه، و-إن شاء الله تعالى- لك أجري الدنيا والآخرة، فحافظي على صلاتك في وقتها، وكوني بارَّةً بوالديك، رفّهي عن نفسك بما هو طيب وجميل، وأرجو أن تستفيدي من حياتك بصورة جيدة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً