الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معاناتي مع التعب ونوبات الهلع طويلة، فهل من علاج؟

السؤال

السلام عليكم.

منذ 2012 بدأت معاناتي مع التعب الشديد، وكثرة النوم، ونوبات هلع، بدون أي سبب واضح، أيضا آلام في جميع أنحاء الجسم، وخصوصا الرقبة، ومنذ 2012 حتى 2015 كانت الأعراض الجسدية هي المسيطرة، وبعد سنة 2015 بدأت الأعراض النفسية، مثل: تعكر المزاج والعصبية، والتوقف عن ممارسة الأنشطة السابقة، مثل: النشاطات الرياضية، وقلة النشاط والانعزال عن المجتمع.

بدأت أتناول بعض المكملات الغذائية، وعلى رأسها فيتامين (د)، وتحسنت لدي بعض الأعراض الجسدية، مثل التعب، ولكن لم يتحسن المزاج والنشاط ونوبات الهلع والعصبية والانعزال.

منذ سنة 2017 تأكدت بعد البحث في الإنترنت أنني أعاني من مرض نفسي، ولكن لم يكن لدي الدافع للذهاب إلى طبيب نفسي، وبعد سنوات قررت الذهاب إلى طبيب نفسي في سنة 2021 في شهر 5، وتم تشخيصي بالاكتئاب، وأنا أستخدم الآن علاج سبراليكس 20 ملغم، والتحسن الواضح كان في اختفاء نوبات الهلع والعصبية، ولكن حتى الآن قلة النشاط وتعكر المزاج يلازمني.

وفي بداية شهر 3 الماضي بدأت في أخذ مكمل غذائي (ويل مان) بدون وصفة طبية، ولاحظت بعد أسبوعين من أخذه يوميا زيادة نشاط بشكل كبير، وتوقفت لمدة 10 أيام من أخذه، وقل النشاط لدي، فإذا كان هذا المكمل هو سبب زيادة النشاط، فهل هناك عنصر معين من مكونات هذا المكمل يفيد مع مرضى الاكتئاب؟ وهل أستمر على علاج السبراليكس وحده، أم أطلب من الطبيب النفسي في موعدي القادم معه إضافة أدوية أخرى تدعم السبراليكس؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك -أخي الكريم- على ثقتك في إسلام ويب، ونرحب بك دائمًا في الموقع، وإن استشارتك هذه مهمّة حقيقة، و-بفضل الله تعالى- تمّ تشخيص حالتك أنها نوع من الاكتئاب النفسي، وبالفعل الاكتئاب النفسي أحد سماته وأعراضه لدى بعض الناس أنه قد يُفقد الإنسان الدافعية، وكذلك الطاقات النفسية والجسدية.

ويا أخي: الاكتئاب -أيًّا كان نوعه- هنالك إجماع علمي أنه متعدد الأسباب، قد تكون هنالك أسباب متعلقة بالشخصية، أو أسباب متعلقة بالوراثة، أو أسباب متعلقة بالبيئة، وهذا يتفاوت من إنسانٍ إلى آخر، وما دامت الأسباب متعددة فلا بد أن تكون أيضًا الوسائل العلاجية متعددة، لذا هنالك أيضًا إجماع بين علماء السلوك أن الوسائل العلاجية يجب أن تكون متعددة الأبعاد.

طبعًا البُعد الدوائي من الأبعاد المهمّة، لكن ليس هو العلاج كلِّه، إنما الأنشطة الحياتية نعتبرها من الأبعاد المهمّة جدًّا في علاج أي مشكلة نفسية، من ذلك: التفكير الإيجابي، حُسن التواصل الاجتماعي، حُسن إدارة الوقت، تجنُّب السهر، الحرص والمحافظة والاهتمام بالعبادة والذكر - خاصة أذكار الصباح والمساء - والدعاء وتلاوة القرآن، هذه كلها - أخي الكريم - تُعتبر علاجات مهمّة جدًّا.

بالنسبة لك: أرى أن الـ (سيبرالكس) عقار رائع، ودواء ممتاز جدًّا، يمكنك الاستمرار عليه.

وبالنسبة للمكمّل الغذائي (ويلمان wellman): أنت ذكرتَ أنك حين تناولته تجدّدت طاقاتك وشعرتَ بالنشاط، وحين توقّفت عنه رجع لك التكاسل وافتقاد النشاط، هذا يعني - يا أخي - أن هذا المكوّن والمُكمّل الغذائي - كما يُقال - كان سببًا لهذا النشاط الذي أتاك، وأنا حقيقة لديَّ تحفّظٍ كبيرٍ جدًّا حول هذه المكمّلات التي يُعلن عنها، والتي أصبحت الآن رائجة جدًّا من خلال تجارة الإنترنت والإعلانات المتمثلة في العناوين التي تجذب الناس إليها.

إذا بحثت - يا أخي - في المكونات الأساسية لهذا المركب لا تجدها مذكورة، مثلاً يقول لك: (المكون الأصلي يحتوي على 29 مركب، منها فيتامين "ب6" و"ب12" والنحاس) وشيء من هذا القبيل، لكن لا يذكر لك هذه المكونات التسعة وعشرين. أضف إلى ذلك: أنا على قناعة تامّة أن هذه المركبات تحتوي على الهرمونات المنشطة، حتى وإن كانت بجرعات بسيطة أو صغيرة، هرمونات الذكورية وخلافه.

ويا أخي الكريم: أنا متأكد أنك اطلعت على الفضيحة العلمية الكبيرة، أن معظم المكمّلات الغذائية التي يُقال أنها تُحسّن الأداء الجنسي، اتضح أنها مخلوطة بعقار (فيجارا Viagra) وهو منشط جنسي معروف.

إذًا يجب أن نكون حذرين جدًّا في التعامل مع هذه المكونات، هذا من باب الشيء بالشيء يذكر، أن هذه المنشطات وهذه المكونات الغذائية تُحدث في الأعضاء الرئيسية تكاسل، ويعتمد عليها الجسد، وإذا انقطع عنها الإنسان يجد الفتور ويجد التكاسل، ويجد عضلاته في رخوة وضعف، ولا يستطيع حمل الأشياء، حتى وإن كان في عمر الشباب.

فيا أخي الكريم: نصيحتي لك، لا داعي لهذه المكمّلات الغذائية أبدًا، ويمكنك أن تلجأ إلى الوسائل الطبيعية السليمة، ومن هذه الوسائل: أن تحرص على ممارسة الرياضة، خاصة الرياضة الصباحية. أخي: من المجرب تمامًا أن الرياضة في الصباح تُؤدي إلى إفراز المواد الكيميائية الدماغية الإيجابية، مثل الـ (ميلاتونين Melatonin) والـ (سيروتونين Serotonin) ومادة تُسمَّى الـ (أوكسيتوسين Oxytocin) أو ما يُسمَّى بـ (هرمون السعادة)، والـ (اندروفينز Endorphins) والـ (إنكيفالينز Encephalins)، والرياضة تؤدي أيضًا إلى إفراز ما يُعرف بـ (BDNF)، وهو أحد الهرمونات الأساسية التي تُساعد على ترميم خلايا الدماغ، وهذه كله تبعث نشاطًا في الإنسان ولا شك في ذلك.

إذًا - أخي - هذه وسيلة (الرياضة) وسيلة طبيعية رئيسية، ما أجمل الرياضة مثلاً بعد صلاة الفجر، تُجدِّدُ الطاقات بشكلٍ واضح جدًّا.

وأنصحك أيضًا أن تتناول مثلاً فنجان من القهوة المركزة في الصباح، وأن تحرص على النوم الليلي المبكر، يُجدد النشاط، وأن يكون غذائك متوازنًا، وألَّا تنام في النهار.

أمَّا بالنسبة للدواء الـ (سيبرالكس Cipralex) فهو من الأدوية الرائعة - كما ذكرتُ لك - وحتى نزيد من فعاليته، وحتى ينتهي الشعور بالإجهاد والتعب يمكن أن نضيف له عقار آخر يسمى (ويلبوترين wellbutrin)، وهو أحد مُحسّنات المزاج المنشطة نسبيًّا، حيث إنه يُجدد الطاقات الجسدية والطاقات النفسية، ويتميز بأنه لا يُؤدي إلى زيادة الوزن، وأحد ميزاته الممتازة جدًّا هو أنه أيضًا يُحسن الأداء الجنسي، وكثير من الناس يشتكون من موضوع المعاشرة الزوجية وأثر الأدوية النفسية عليها، و-الحمد لله- هذا الدواء (ويلبوترين) على وجه الخصوص يُحسّن الأداء الجنسي.

الويلوترين يُعرف علميًا باسم (بوبروبيون Bupropion)، والجرعة المطلوبة في حالتك هي: مائة وخمسون مليجرامًا صباحًا، وهي الجرعة الصغرى، حيث إنه توجد أيضًا حبة تحتوي على ثلاثمائة مليجرام، لكنّك لست في حاجة إليها.

هذا دواء أراه رائعًا جدًّا، و-إن شاء الله تعالى- تنتفع به.

أرجو -أخي الكريم- أن تشاور طبيبك حول اقتراحي هذا حول البوبروبيون، هذا سوف يكون أمرًا جيدًا جدًّا، وهو نوع من الالتزام بالأخلاق الطبية والممارسة الصحيحة من جانبنا في الشبكة الإسلامية، وأنا على ثقة أن الطبيب سوف يُقِرُّه -إن شاء الله تعالى-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً