الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعطيت فتاة وعدًا بالزواج منها ثم ندمت، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

تعرفت إلى فتاة عبر التواصل الاجتماعي في مجموعة دراسية، بدأنا بالتعارف أولا عبر مساعدة دراسية لها وكنت أساعدها كثيرا، لكن بعد فترة أو أيام، أصبحنا صديقين وبعد هذا وقعنا في الحب، وفي يوم ما قالت لي: قل لي أعاهدك بالزواج إن كنت تحبني، لكنني لم أرد أن أقول هذا، وقلت: لا أقولها، فأصبحت حزينة ومنقهرة، لهذا قلت: أعاهدك بالزواج، فأصبحت سعيدة، لكنني لم أر هذه الفتاة أبدا، واقترحت عليها بأن نرى بعضنا ولكن لم ينجح الأمر.

نحن بنفس الجامعة لكننا في قسمين مختلفين، مع هذا أشعر بأني لا أميل إليها؛ لأنني لم أرها وكيف هو شكلها، وأشعر بالندم كثيرا لهذا العهد، كلما أفكر في قطع التواصل معها أتذكر العهد الذي بيننا!

أشعر أن عقلي يتدمر، وأشعر أن الله لن يجعلني أتزوج أي فتاة غير هذه؛ لأنني عاهدتها وتخليت عنها، ولن تكون أي فتاة من نصيبي! لم أرد أن أكذب عليها، لكنني كنت عاطفيا وحساسا جدا تجاه حب الفتاة، حتى لو لم أرها جيدا!

لا أعرف ماذا أفعل! وفي ماذا أفكر؟! عقلي مشتت جدا بسبب هذا التفكير، مع العلم أنني شاب وليس لدي قابلية أو إمكانية للزواج، وهذه الفتاة لا أعرف هل تحبني أم لا؟ ولكنها حزينة جدا تجاه بعض الأشياء التي قلتها لها عن العهد على أنني نادم، أرجوكم أريد مساعدة ليستريح عقلي.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على سعيك على تحري الحلال، وحرصك أن تبدأ حياتك الزوجية بشكل صحيح، ونسأل الله -تعالى- أن يرزقك الهدى والتقى والصلاح.

فالزواج يجب أن يكون فيه وفاق بين طرفين، ولا حرج بأن يفسخ أحد الطرفين الخطبة (عهد الزواج) متى تمت بطريقة صحيحة، كونه طرأ على العلاقة شيئا أضرها، ولكن يجب على الطرفين أن يكونا صادقين في الخطبة ورغبة الزواج، لأنه وعد والله سبحانه وتعالى أمرنا بالوفاء بالعهد، فقال جل وعلا:" وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً".

والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا ائتمن خان"، فلا يجوز إعطاء وعد بالزواج وفي باطنك نية بعدم الوفاء به، أما ما طرأ بعد ذلك من أحداث فلها حلها، وكما جاء في الحديث أيضا (إنما الأعمال بالنيات).

فالرجوع في الخطبة وفسخها ليس فيه مشكلة، طالما طرأ على العلاقة مشاكل رأيت بأنها من الصعوبة أن تستمر، على شرط بأن تكون نيتك عدم الفسخ من البداية، هذا بالتأكيد إذا كانت الخطبة قد تمت على أساس صحيح بالذهاب إلى بيت المخطوبة، ومقابلة أوليائها وطلبها منهم، فعهد الزواج فيجب أن يكون بين الخاطب وولي الخطيبة، وليس بين الخطيب والخطيبة عبر دردشة في وسيلة تواصل، أو محادثة، فهذا لا يتعدى كونه دردشة بين شابين فقط، وفي حالتك هذه لم يحدث أن أعطيت عهدا بالزواج إلى أهلها، وما حدث هو مجرد دردشة بينكما، وهو من الأفعال المحرمة، وبالتالي فلا يلزمك الوفاء بهذا العهد؛ كونه تم بطريقة غير صحيحة وغير مشروعة.

أما المشكلة فتكمن في عدم مقدرتك على الزواج ورغم ذلك إعطاء الوعد بالزواج للفتاة، أضف إلى ذلك أن الفتاة لا تجد في نفسك ما يجذبك إليها، وأن التقارب الذي حدث في البداية كانت مشاعر خداعة، ولما نضجت مشاعرك وزالت الغشاوة شعرت بأنها ليست مناسبة لك.

فنصيحتي لك، تب إلى الله من تلك العلاقة المحرمة، واترك هذه الفتاة فورا، وحاول أن تبدأ حياة جديدة تنسى فيها ذلك الأمر، ولا تخض أي علاقة جديد إلا في حال جاهزيتك للزواج، ويجب عليك أن تسلك السبل المشروعة للزواج، وأن تأتي البيوت من أبوابها.

ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد وأن يعوضك خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً