الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أود أن يتعلق هذا القلب بالله وبحبه، كيف أعمل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي أسئلة، وأنا منذ فترة أعمل جاهداً للوصول إليها من خلال قراءة عدة مقالات، وجزاكم الله خيراً، من بينها كيف أتعرف على الله تعالى؟ وكيف أجعل هذا القلب يسكنه حب الله تعالى وحده؟

أود أن يتعلق هذا القلب بالله وبحبه، لدرجة لا أشتهي من الدنيا أي شيء، والله تعبت، كل مرة أدخل في انتكاسة مطولة، وأشعر بالفشل والعجز وقسوة قلب، وبعدها يلين قلبي لفترة قصيرة، وبعدها أعود إلى الحالة الأخرى، وهكذا تستمر حياتي.

نفسيتي تعبت، فهل من إجابة على أسئلتي؟ والله لا يضيع عبده الذي يسعى جاهداً للوصول إليه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حنان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -ابننا الكريم- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا وإياك لأرشد الأمور، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

ثانياً: نشكر لك حرصك على شغل قلبك ونفسك بالتعلق بالله سبحانه وتعالى والاشتغال بطاعته، وهذا من أمارات وعلامات توفيق الله تعالى لك، فإن من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان أن يحبب إليه الطاعة ويشرح صدره لها.

ما تسأل عنه -أيها الابن الكريم- من تقلب أحوال قلبك بين الإقبال والإدبار والذكر والغفلة، هذه أمور طبيعية، والقلب يتقلب.

وكما قال الشاعر: وهل سمي الإنسان إلا لنسيه * وسمي القلب لأنه يتقلب.

القلب كما شبهه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالريشة في مهب الريح يقلبها هذا الريح يمنة ويسرة، ذهاباً وإياباً، ومحل الاختبار والابتلاء لنا هو الأخذ بالأسباب التي تؤدي بنا إلى تثبيت هذا القلب على طاعة الله تعالى، ومن ذلك الدعاء أولاً، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر من قوله: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".

من ذلك المبادرة إلى تطهير القلب وتنظيفه إذا وقع فيه شيء من درن المعصية، فإن المعاصي تنكت في القلب نكت سوداء، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "فإذا هو تاب ونزع واستغفر صقل قلبه"، فالمبادرة بتنظيف هذا القلب أولًا بأول كفيل -إن شاء الله تعالى- بإبقائه على نوره وضيائه.

الأمر الثالث: الاهتمام والاعتناء بمد هذا القلب بالغذاء الذي يحتاجه، فإن القلب له غذاؤه الذي يحفظ له قوته وحياته، وذلك الاشتغال بذكر الله تعالى والاشتغال بطاعته، وقد أشرت -أيها الابن الكريم- إلى نقطة مهمة جداً، وهي أن الله سبحانه وتعالى لا يضيع عبده الذي يجهد ويتعب في الوصول إليه، فهذا حق، والله تعالى يقول في كتابه الكريم: (وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ )، فكن على ثقة من أن الله لن يتركك ولن يضيعك ما دمت مجتهداً في الوصول إليه حريصاً على طاعته، مشتغلاً بذكره، ولا تقلق أبداً إذا عرضت لك حالات من الفتور، وقلة الرغبة في الإكثار من الأعمال الصالحة، فإن للقلوب إقبالاً وإدباراً، فانتهز أيام الإقبال وأكثر من الأعمال الصالحة، وإذا حصل لديك فتور فاحذر من أن تقع في المحرمات، فلا تترك واجباً من الواجبات ولا ترتكب محرماً من المحرمات، وإذا فعلت ذلك فبادر إلى التوبة والإصلاح، فإذا سرت على هذا النهج فإنك سرت في الطريق الذي يحبها الله تعالى ويرضاها عنك.

حب الله سبحانه وتعالى له أسبابه، ومن أعظم هذه الأسباب تذكر النعم، فالتفكر في نعم الله تعالى عليك الظاهرة والباطنة يدعو هذا القلب إلى الاعتراف بالجميل، وحب هذا المنعم سبحانه وتعالى، ولهذا يأمرنا الله تعالى بأن نذكر نعمه قال تعالى: (يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم)، ومن أسباب محبة الله تعالى أيضاً التفكر في الجمال في هذا الكون، فإن النفوس مجبولة على حب الجمال وكل جمال تراه عينك هو من صنع الله سبحانه وتعالى، فإذا كان هذا صنعه فكيف به هو سبحانه، وقد قال عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إن الله جميل يحب الجمال".

نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير وأن يعينك عليه وأن يثبتك عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً