الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي يريد مني وضع الأغاني في سيارته ويمنعني من صيام النافلة، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
جزاكم الله كل خير.

أنا ولله الحمد ملتزم بفضل هداية الله لي، ولله الحمد علمت أن علاقتي مع صديقتي حرام فقطعت العلاقة معها بطريقة تحترم مشاعرها والحمد لله، أبي يطلب مني أن أضع له الأغاني في السيارة فماذا أفعل؟ هل أضعها له؟ وهل إذا وضعتها علي وزرها؟

أبي يمنعني من صيام داوود، أنا عندي ولله الحمد قدرة على الصيام وأريد الصوم؛ لأني على طريق التعافي من العادة السرية.

شكرا، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Tamer حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يمنّ عليك بالاستقامة والهداية، وأن يثبتك على الحق حتى تلقاه، وأن يصلح حالك وحال والدك، وأن يرزقك بره إنه جواد كريم.

الأخ الفاضل: إننا نحمد الله إليك توبتك من العادة، وكذا توبتك من العلاقة المحرمة، ونسأل الله أن يعينك على التوبة، وأن يخلصك من آثارها.

أما بالنسبة للوالد -حفظه الله-، فلا شك أن الأغاني محرمة، وأن مرتكبها آثم، وأنه لا يجب عليك طاعة أحد في معصية الله -عز وجل-، لكن لأن الأمر يتعلق بالوالد فننصحك بما يلي:

أولا: أن تبين له بطريقة هادئة صحيحة محببة إلى نفسه أن الأغاني محرمة، وأنك تخشى عليه وتخاف.

ثانيا: إن شعرت أنه لن يستجيب لحديثك فاعمد إلى أحد الصالحين ممن يحبهم والدك من أهل العلم والدين، حتى يكلم أباك في هذا الأمر، فإن ترك فالحمد لله.

ثالثا: إذا لم يعتقد حرمتها ورأى أنها من المختلف فيه، فإننا ندعوك إلى الحديث مع والدتك أن تخبره ألا يطلب منك أنت ذلك حفاظا على اعتقادك، وأن يكون هذا بطريقة هادئة.

رابعا: إن شعرت أن هذا قد يسبب مشكلة أكبر، وأن الامتناع قد يعرضك لمشكلة أكبر، فافعل ذلك وأنت كاره، وتحين الفرص لتقنعه إما بحرمتها أو بالعدول عن طلبها منك، لكن لا تخرج من هذه المشكلة بعقوقه، ولا تتسبب في مشكلة أكبر.

وأما بالنسبة للنافلة: فإنه من أكبر المعينات لك على ترك ما كنت عليه، كما أن أجره عظيم عند الله، لكنه كما لا يخفاك غير واجب، فإن كان حديث الوالد عن تركك الصيام لخوف عليك أو شفقة فإنه يجب عليك الانصات أولا ثم الاجتهاد في الإقناع، ثم التقليل إن رضي بذلك فطاعة الوالدين واجبة في غير معصية، والنفل مستحب لا واجب، والقاعدة التي ذكرها أهل العلم أنه إذا تعارض واجب مع مستحب، قدم الواجب في الأصل.

وفي فتاوى اللجنة الدائمة: ما حكم صيام النفل بدون رضا الوالدين؟ فأجابت بقولها: طاعة الوالدين واجبة، وصيام النافلة سنة، فإذا أمرك والداك بترك الصيام النفل وجب عليك طاعتهما. اهـ.

واعلم أنك إذا تركت صيام النفل برا بأبيك فإنه يرجى لك أن تكون بمثابة من أراد ولم يتمكن، وهذا له حكم الفعل فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما، واللفظ لمسلم، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: عَنْ رَسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَالَ: إِنّ الله كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسّيّئَاتِ، ثُمّ بَيّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً"

على أن اللين والإقناع للوالد بالحب والود تجلب لك الخير على كل حال، نسأل الله أن يعينك وأن يبارك فيك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً