الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر أن الناس يراقبونني، كيف أتوقف عن هذا التفكير؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكرا جزيلا لكم على هذا الموقع الرائع.

مشكلتي هي: أني أفكر بسلبية دائمًا، وأكثر ما أفكر فيه هو ما يعتقده الآخرون عن صفاتي وتصرفاتي، ولكن توجد فكرة تسيطر على عقلي، ولا أستطيع التخلص منها، وأعلم أنها سخيفة جدًا، ولكنها تعيقني عن العمل والدراسة، وتجعلني أبقى في السرير طويلاً، ولا أفعل شيئًا، وهي: أعلم أن كل شخص له حياته الخاصة، وله مشاكله الخاصة، ولكن بالتأكيد المشاكل لها درجات من حيث الصعوبة، وأنا أفكر في أن مشاكلي تافهة، وأني إنسانة تافهة وضعيفة؛ لأن بعض الناس لهم مشاكل أسوأ من مشاكلي، ومشاكلي بالنسبة لهم تافهة، أعلم أن هذا أمر لا أتحكم به أصلا، وأن هذا لا يتعلق بتفاهة الإنسان، لا يعني أن المشاكل سهلة؛ يعني أني ضعيفة؛ لأن كل واحد وقدره، والقدر ليس بيد أحد أصلاً، فهذا غير منطقي، ولكني لا أستطيع التخلص منها، ولا أستطيع تجاهلها مهما حاولت.

أفكر أيضًا في أن الآخرين يعتقدون أن مشاكلي تافهة جدًا؛ لأن هناك الأسوأ، فكيف أبعد هذه الفكرة عني نهائيًا، وأيضًا هناك شيء يزعجني وهو أني دائما أشعر بأن هناك أشخاصًا يراقبونني في البيت حتى وأنا وحدي، بل وفي كل مكان وزمان، وهذا الشعور قوي جدًا، ولا أستطيع أن آخذ راحتي حتى وأنا أكتب هذا السؤال أشعر أن هناك إنسانًا بجانبي يرى ما أكتبه، فكيف أتوقف عن هذا التفكير، وماذا لو كانت أفكاري صحيحة بالفعل؟

ما الدليل الذي يمكن أن يبطلها ويجعلني أتوقف عنها تمامًا، أتمنى أن تجيبوا في أسرع وقت؛ لأن هذه الأفكار تضيع وقتي، وتجعلني شخصًا بلا قيمة ولا يفعل شيئًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Fatema حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابنتنا الفاضلة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك دوام الصحة والعافية.

أولاً: نحمد الله أنك على درجة من الوعي والإدراك، فرغم صغر سنّك - كما يبدو لنا - ولكن يبدو أن عمرك العقلي أكبر من عمرك الزمني، وهذا لمسناه من خلال طرحك للمشكلة والأسلوب الذي صاحب ذلك، وإذا كان المُعبّر أو الكاتب شخصا آخر فنشكره على إيصال الرسالة بطريقة واضحة.

ثانيًا: تقييم المشكلات يرجع إلى ما لدى الفرد من قدرات وإمكانيات وتجارب حياتية في ماضيه وحاضره، فقد يرى الشخص أن المشاكل التي يُعاني منها بسيطة، مقارنة بمشاكل الآخرين، وتكون فعلاً كذلك، أو العكس، يراها كبيرة ومتضخمة وأكبر من مشاكل الآخرين، فتُرهقه بالتفكير والمشاعر السلبية.

وبغض النظر عن طبيعة المشاكل وحجمها، إذ أن المطلوب هو كيفية التعايش معها، ووضع الحلول المناسبة لها، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.

ثالثًا: بالنسبة للشعور بأنك مراقبة؛ فهذا قد يرجع لعدة أسباب، منها: نقصان الثقة بالنفس، والخوف من الوقوع في الخطأ، واكتشاف العيوب، وربما يكون الأمر مجرد فكرة، ولكن ليس هناك دليل واضح على ذلك، وإذا كانت الفكرة مستمرّة وصاحبها نوع من الشكوك والضلالات - أي تكون في شكل اعتقاد خاطئ - لا يمكن زحزحته بالأدلة والمنطق العقلي، فهذا يكون تحت مظلّة الذُّهانيات، ولا نحسب أنك مُصابة بذلك، وذلك لصغر السّنِّ.

فنقول لك: لا بد أن تعيشي حياتك بصورة طبيعية، وأن تشغلي نفسك بالدراسة، وممارسة الهوايات والنشاطات التي تحبيها، ولا تتجنبي التفاعل مع الآخرين، بل اسعي لتكوين الصداقات، وثقي في الآخرين حتى يثبت العكس، فستجدين نفسك أنك أكثر كفاءة وثقة، وبالتالي إن شاء الله ستزول كل هذه الأفكار والأوهام والخيالات، بإذنه سبحانه وتعالى، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً