الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد طرد أبي لي أفكر في شراء منزل بالقرض.. فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أبلغ من العمر 23 سنة، طردني أبي أكثر من مرة من البيت منذ عدة سنوات؛ لوجود خلافات بيني وبينه، وحاليًا منذ سنتين لا يوجد حل بيننا، وأسكن مع جدتي أم أمي في بيت العائلة، لا أملك سكنًا، فهل يحق لي أخذ قرض لشراء سكن للإيجار بعقد مفتوح، أو فترة طويلة لمدة 10 - 15 سنة، أم لا؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلًا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص سؤالك -أخي- فلا بد قبل الإجابة عليه من الإجابة على بعض الأسئلة:

لماذا تريد القرض؟ هل هو قرض حسن؟ هل عندك قدرة على السداد أو خطة لذلك؟ ألا يوجد بديل عن السكن؟

ثم في الختام نصيحة:

القرض لا بد له من وجود دواع موجبة له؛ لأنه دين، وأنت لا زلت في بداية حياتك العملية، فأن تبدأها بدين؛ هذا لا بد أن يكون له أسباب منطقية موجبة له مثل: قرض لأجل الدخول في مشروع كل الدراسات حوله ترى نجاحه، وليس هناك بديل عنه، هذا نقول لك: توكل على الله ما دام البدليل غير متوفر، وادخل هذا المعترك، ولكن بالحد الأدنى الذي لا يورطك في مستقبل حياتك.

لكن أن تأخذ سكنًا للإيجار وأنت أعزب، وليس عندك ما يفي بسداده، مع توفر البديل وإن كان مرهقًا نوعًا ما، فنحن لا ننصح بذلك.

حديثنا بالطبع عن القرض الحسن، والذي تأخذه من دون فوائد، فإذا كان القرض حسنًا، والقدرة على السداد قائمة، والحاجة ضرورية فلا بأس من ذلك.

أما إذا كان القرض ربويًا فإن هذا محرم، لا يجوز التعامل به، ولا يباح إلا في حال الضرورة، وما تحدثت به ليست الضرورة المبيحة لأخذ الربا، والواجب على من حاله كحالك أن يبحث في البدائل، فالمقترض لأجل إيجار سكن كالمستجير من الرمضاء بالنار، فدين الربا أشد وأسوأ، وهو ماحق للبركة، وعاقبته إلى ندامة، ومن تحرى الحلال وجده ويسره الله له، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب} [الطلاق:2ـ3]. وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً}، [الطلاق:4].

أما نصيحتنا لك -أخي الكريم-: فهي التواصل مع والدك، والبحث أولًا عن أسباب الخلاف بينك وبينه، والاجتهاد في إزالتها، واعلم أن والدك هو أحرص الناس عليك، وأحن الناس عليك، وأرحم الناس بك، ولا يزهدك في التواصل معه قسوة حديثه أو طرده إياك، فإنها قسوة لا تعبر عن مكانتك عنده -أخي الكريم-.

والمطلوب منك أن تصل إلى قلبه، وأن تكون طوع أمره، هذا حقه عليك، وهذا حكم الشرع فيك، مهما كان مختلفًا معك، حتى ولو كان يدفعك إلى الشرك بالله الذي خلقك، عليك مخالفته في الشرك ومصاحبته بالمعروف في آن واحد، وهذا حكم الشرع -أخي الكريم- قال تعالى: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، فاذهب إلي أبيك واستجلب له ما يرضيه عنك، ولا بأس أن تدخل في الموضوع من له وجاهة عند الوالد حتى تستطيع الحياة معه وبره.

هذه نصيحتنا لك، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً