الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يكون عمل المرأة خالصًا لوجه الله؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوجة، كيف أجعل عملي خالصًا لوجه الله؟ خصوصًا أني أعمل مبرمجة من المنزل، فكيف تكون النية خالصة لوجه الله، بماذا أنوي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك أختنا الكريمة في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يرزقك الإخلاص في القول والفعل والعمل.

أختنا: لقد وفقت إلى هذا السؤال الكبير، وإنا نسأل الله كما وفقك إلى السؤال أن يوفقك إلى العمل، وأن يكتب لك الثبات عليه، فلا يخفاك أن العادة تنقلب إلى عبادة بالنية، وصاحبها يؤجر عليها بالنية، وقد يبلغ بالنية ما لا يبلغ غيره وإن أتى بأعمال كالجبال، واستمعي معنا إلى هذه الحديث الذي رواه الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري - رضي الله عنه - قال: قال -صلى الله عليه وسلم -:(أحدثكم حديثًا فاحفظوه: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلمًا، فهو يتقي فيه ربه ويصِلُ فيه رحمه ويعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية يقول لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان، فهو بنيته، فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علمًا فهو يخبِط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقًا، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علمًا فهو يقول لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، فوزرهما سواء).

فانظري أختنا كيف رفع الله الرجل الثاني بالنية، ولم يعمل شيئًا، وكيف وُزِرَ الرابع الوزر كاملاً، ولم يعمل شيئًا، وهنا يتأكد لنا دور النية والاحتساب في العمل.

أختنا الكريمة: إن الواجب في العمل حتى يكون عبادة مقبولة: أن يكون خالصًا لله تعالى ( وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى).
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ).

وإذا كان أهل العلم قد ذكروا أن العبادة لا تكون مقبولة عند الله تعالى إلا إذا توفر فيها شرطان:

الأول: الإخلاص لله تعالى.

الثاني: متابعة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وموافقة شريعته.

فإن العمل الصالح لا يكون عبادة إلا بهذين الشرطين: وقد دل على هذين الشرطين قول الله تعالى: ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا).

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
(فليعمل عملاً صالحًا) ما كان موافقاً لشرع الله (ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا) وهو الذي يراد به وجه اللّه وحده لا شريك له، وهذان ركنا العمل المتقبل، لا بدَّ أن يكون خالصاً للّه، صواباً على شريعة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اهـ.

وعليه فعملك الذي في البيت وهو البرمجة يمكن أن يكون عبادة إذا توافر فيه ما يلي:

1- ألا يكون حرامًا، ولا يساعد على الحرام.
2- ألا يشغل عن فرض، ولا يعطل عن واجب شرعي أو اجتماعي.
3- أن تكون النية فيه حاضرة لله تعالى.
فإذا استقام ذلك ونويت بعملك أن تساعدي نفسك ماديًا بالحلال، وأن تساعدي أمتك بالنصح، وأن تخدمي دينك ولو بالقليل، فإن هذا من العمل الصالح.

نسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً