الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي طرق الحصول على الزوج؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة في السنة الأخيرة من الجامعة، و-الحمد لله- طيلة مشواري الجامعي لم أكلم أي شاب في الجامعة، ومنذ أول يوم لي في الجامعة وأنا معجبة بزميل لي يدرس معي في نفس القسم، ولكن لم أتجرأ يوماً على الحديث معه، كونه شخصية منعزلة، وكوني فتاة محترمة، لا تريد الاختلاط.

بعد فترة أصبح يكلم فتاة أخرى، فقررت نزعه من قلبي، ولكن هذه السنة أشعر أنني قد ندمت شديد الندم لأني لم أتقرب إليه منذ البداية، كما أن قلبي متعلق به، وأشعر بالغيرة الشديدة من الفتاة التي تجرأت وصادقته، وهذا قد دمر نفسيتي، فأنا أشعر أنني لن أحب أحداً من بعده، فكل ما أريده هو ذاك الشاب.

كانت لي علاقات في مواقع التواصل الاجتماعي، ولكني لم أتجرأ أن أخرج مع الشباب، أو ألاحق أي شاب، ودخلت في علاقة مع شابين على الفيسبوك بهدف الارتباط، لكني لم أحبهما، فأنا قد عصيت ربي، ولم أحظ بالشاب الذي تمنيته، وبمجرد التفكير في أنه سيرتبط بتلك الفتاة التي كانت دائماً تلاحقه، يشعرني بندم، لماذا لم ألاحقه أنا؟ كما أن قريباتي يشجعنني دائماً على محادثة أي شاب لكي أتزوج، فهل حقاً لو سعيت ولاحقت شاباً سيكون من نصيبي، أم أن نصيبي مقدر؟ هل هذا التعلق من ضعف الإيمان؟

أرى أن زميلاتي اللاتي كن يكلمن الشباب مرتبطات بمن اخترنه، أما أنا فلا زلت أنتظر أن يلتفت لي شاب، فهل إذا اعتبرنا أن الزواج رزق يوجب السعي، فهل يجب أن أسعى له بالكلام والتقرب من الشباب، وإجراء أحاديث التعارف وغيرها معهم؟ وهل القدر سيتغير بالسعي -أي أن قدري في أن أتزوج فلاناً، مرهون بمخالطته- ثم ما هي طرق السعي الصحيحة لكسب زوج؟ وهل هناك منع صريح في القرآن للفتاة في أن تكلم شاباً في إطار الشرع، دون الخوض فيما لا يرضي الله؟ هل ملاحقة شخص معين، وإبقاء صداقة معه لسنوات بنية الزواج منه حرام؟

أرجو الرد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يكتب لك السعادة ويقدر لك الخير، وأن يرزقك الزوج الصالح.

أولاً ابنتنا العزيزة: نهنئك بما منّ الله تعالى به عليك من التزام الحجاب والتعفف، والابتعاد عن كل ما قد يدعوك إلى ما تندمين عليه في مستقبل حياتك، ونتمنى أن تستشعري فضل الله تعالى عليك، ونعمته الكبيرة التي أسداها إليك، بأن حبب إليك هذا الالتزام والتدين، فهي نعمة عظيمة كما قال عز وجل: (بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَىٰكُمْ لِلْإِيمَٰنِ).

فما دام الله تعالى قد شرح صدرك للالتزام بأحكامه، والوقوف عند حدوده، فهذا فضل عظيم ساقه الله إليك، ولا ينبغي أبداً أن يكون ذلك مصدر حزن لك، بل ينبغي أن تفرحي به، فقد قال الله: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا)، واعلمي جيداً وكوني متيقنة أن رزق الإنسان مكتوب، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث صحيح يطابق حالتك تماماً، قال عليه الصلاة والسلام: (هذا رسول رب العالمين جبريل صلى الله عليه وسلم نفث في روعي أنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها وإن أبطئ عليها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإن الله لا ينالُ ما عنده إلا بطاعته) هذا الحديث العظيم يجيبك عن كل أسئلتك التي أوردتيها في استشارتك.

فالرزق مكتوب، والأسباب التي توصل للرزق إنما هي الأسباب المشروعة المباحة، وليس من الأخذ بالأسباب أن يقترف الإنسان ما حرم الله تعالى عليه، ويعتقد أنه بفعل هذا الحرام سيصل إلى الرزق، لا، مطلوب من الإنسان أن يأخذ بالأسباب، ولكن الأسباب المباحة، وأن يصبر إذا تأخر عليه رزقه، فإنه لا يستطيع أن يرزق نفسه، والله تعالى يقدر المقادير بحكمة وعلم، فهو أرحم بنا من أنفسنا، وأعلم بمصالحنا، فإذا كان الله تعالى قد قدر لك تأخر الزواج، فإنه سبحانه وتعالى يقدر لك ما فيه الخير، وإن كنت تكرهين هذا القدر، (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

وإنشاء علاقة بين الشابة وشاب أجنبي عنها بحيث تخلو معه، وقد تخرج معه، هذا النوع من العلاقات لا شك ولا ريب أنه باب عظيم من أبواب الشر، وطريق ممهد إلى الوقوع في المحرمات، وفي كثير من الأحيان تقع الفتاة في حالة ضعف بما تندم عليه، وربما لم ينفعها الندم بعد ذلك.

فلا ينبغي أبداً أن تحزني لأنك لم تفعلي شيئاً من هذه المحرمات، واعلمي أن الله تعالى سيجعل من تقواك وخوفك من الله باباً وسبباً لجلب الأرزاق، فإنه كما قال الله تعالى في كتابه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، لكن الأسباب المباحة أن تتعرفي على الفتيات والنساء الطيبات، وتستعيني بهن في البحث عن الزوج والخاطب، فكل واحدة منهن لها أقارب إخوان وغير إخوان يبحثون عن زوجات، ومن ذلك أن تستعيني بمحارمك من الرجال، كإخوانك، أخوالك، أعمامك، إن استطعت في عرض الزواج على الشخص الذي قد ترينه مناسباً لك، ومن أعظم الأسباب اللجوء إلى الله -سبحانه وتعالى- وكثرة دعائه أن يرزقك الزوج الصالح، فهذه أسباب مشروعة.

والشيطان يبدأ بالإنسان خطوة خطوة كما قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ )، ومن اتبع خطوات الشيطان، فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر، بهذا ننصحك بأن لا تفعلي شيئاً من هذا، وأن تمارسي الأسباب التي ذكرناها لك، فإذا رأيت شاباً يمكن أن يكون صالحاً للزواج، فيمكنك عرض الزواج عليه بواسطة أقاربك من الذكور.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً