الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل صاحب القلب الطيب يجب أن يخفي طيبته؟

السؤال

السلام عليكم.

عرفت مؤخراً أن الشخص الطيب القلب يجب عليه ألا يظهر ذلك للناس، هل هذا صحيح؟ هل عليّ أن أكون قوياً مهاباً في الظاهر، وطيب القلب من الداخل؟

أنا أعامل الناس بطيبة وحسن الخلق مع الصغير والكبير، والغني والفقير، لكن بعض الوقحين يواجهونني بعيوبي، ويستهترون بي، ويستصغرونني؛ لأني لا أظهر الشر، ونفس هؤلاء الأشخاص لا يعاملون الأشرار كما يعاملونني، لذلك عندما غيرت طريقة معاملتهم، وأصبحت أعاملهم بحزم، بعضهم غير طريقة تعامله معي، فكيف أكون كما قال تولستوي: كن طيباً، واحرص على أن لا يعرف أحد أنك طيب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Gh حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

نحب أن نؤكد لك أن الإنسان ما ينبغي أن يُغيّر أخلاقه الجميلة إذا ساءت أخلاق الناس، والإنسان عندما يكون طيب القلب، متواضعاً للناس، يعاملهم بالحسنى، ينبغي أن يبتغي بذلك وجه الله تبارك وتعالى، وما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انفصل وانقطع، والله وصف المؤمنين فقال: {وعبادُ الرحمنِ الذين يمشون على الأرض هونًا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا}، وصفتهم الآية كما قال أهل التفسير من الخارج ومن الداخل، أمَّا من الداخل، فالطيبة والحلم والعفو والصفح، وأمَّا الظاهر، فهو التواضع لخلق الله تبارك وتعالى.

لذلك أرجو ألَّا تُغيّر أخلاقك الجميلة، واستمر في التعامل مع الناس بالحسنى، ولا ترد على السفيه الذي يتطاول، فإن الله مدح الأخيار فقال: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا}، لذلك فالإنسان لا يلتفت لمن يُسيء الأدب، ولا ينزل لمستواه، وإنما يحافظ على أخلاقه الجميلة ويداوم عليها، فإذا كان طيبًا وعرف الناس أنه طيب، فهذا تشجيع للآخرين لأن يتمثلوا هذه الأخلاق الجميلة، والطيب يبتغي بعمله هذا وجه الله تبارك وتعالى، فكن طيبًا في باطنك، طيبًا في ظاهرك، طيبًا في كلامك، طيبًا في سائر أحوالك، وتأسّى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- الذي مدحه ربنا العظيم فقال: {وإنك لعلى خلق عظيم} عليه صلاة الله وسلامه.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، واستمر في الشفقة على الصغير، وتوقير الكبير، واعط العالم ومَن له المكانة حقه، وأنزل الناس منازلهم، وخالق الناس بخلق حسنٍ، كما هي وصية النبي -عليه صلاة الله وسلامه-.

نسأل الله أن يزيدك خيرًا وتوفيقًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً