الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهملنا والدي وطلق والدتي، فكيف نتعامل مع عودته؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 19 سنة، قبل 10 سنوات حدث خلاف بين أمي وأبي وتطلقوا، والدي تخلى عنا، ولم يرَ وجهنا، علماً أنه قبل 10 سنوات كان يضربنا ويسبنا عندما كنت صغيرة، والآن تحدث معه أخي، وقال لي والدي يريد رؤيتي والتحدث معي، محتارة لأنني عندما أراه أتذكر الماضي، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Salma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُعينك على بر والديك، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

لا شك أن هذا الوالد رغم تقصيره له حق، والله تبارك وتعالى سيسأل الوالد إذا قصّر، ويسألنا أيضًا نحن كأبناء إذا قصّرنا في بِرِّ آبائنا وأُمَّهاتنا، فما حصل من الأب من التقصير لا يُبيح لك عدم الكلام معه، أو عدم مقابلته، أو عدم إتاحة الفرصة له ليراك ويتكلّم معك، وأرجو أن يكون في ذلك الخير، فأنت الآن -ولله الحمد- تجاوزتِ هذه المرحلة، والدليل هو هذه الاستشارة الناضجة، وهذا السؤال الهام، ولذلك أرجو أن تنتبهي لما يلي:

أولاً: عليك ببر الوالدة والمبالغة في إكرامها وعرفان فضلها والثناء عليها ومدحها وطاعتها.
الأمر الثاني: عليك أيضًا طاعة الوالد فيما يأمرك به، إذا أراد أن يسألك، إذا أراد أن يتكلّم معك، إذا أراد أن يراك، بل قد يكون هذا سبباً يُكفّر أو يُحاول أو يُعدّل الأخطاء التي وقع فيها في سابق الأزمان وسابق الأيام.

فإذًا نحن نميل إلى الاستجابة لأمر الوالد، ومقابلته، والحديث معه، ونسأل الله أن يكون في هذا الخير، ونحب أن نؤكد أن الوالد أو الوالدة -حتى ولو كان أحدهما غير مسلم، أو على ملّة أخرى- له حقوق، لأن الله قال: {وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علم فلا تُطعهما}، يعني: إنسان عنده والدة أو والد يقولون له: "اكفر بالله، لا تصل" الله العظيم الخالق يقول: {فلا تطعهما}، لكن مع ذلك يقول: {وصاحبهما في الدنيا معروفًا}، وقالت أسماء للنبي صلى الله عليه وسلم: (أتتني أُمي وهي مشركة، وهي راغبة، أفصل أُمّي) قال -صلى الله عليه وسلم-: (نعم صِلي أُمّك).

فحق الوالدين عظيم، وما حصل من التقصير يُحاسبه عليه الله، وأنت إذا قصّرت يُحاسبك الله، فلا تُقصّري إذا قصّر الوالد، ولا تُقابلي تقصيره بالتقصير، واجتهدي في معرفة فضله كوالد، وارغبي فيما عند الله، وتذكري أن البر عبادة لله، إذا كانت لله، فالإنسان ينبغي أن يعرف فقهها، ومن فقهها أن نُطيع الوالد ونستمع إليه، مهما يُقصّر أن نطيع الوالدة ونستمع إليها مهما كان منها من التقصير، ونسأل الله أن يُعيننا على بر آبائنا وأمهاتنا، وأن يُعينهم أيضًا على القيام بما عليهم من الواجبات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً