الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السحر والعين والحسد ودورها في إحداث الأمراض العضوية

السؤال

السلام عليكم

هل يمكن أن يسبب السحر أو العين أو الحسد أمراضاً عضوية؟ أعاني من نقص سمع حاد، أحياناً لا أشكو من شيء، ومرات أخرى أعاني من الطنين والدوخة، ونقص سمع وآلام الرأس.

بعد معاينة عند أطباء مختصين لمدة 3 سنوات لا يستطع أحد أن يعرف لا السبب ولا العلاج، وقبل أيام قليلة، وعند قراءة سورة البقرة من المصحف ظهرت علي أعراض دوخة، إرهاق، تصبب العرق ثم بكاء، تلعثم في الكلام، أريد أن أعرف هل للأمرين المذكورين علاقة من حيث الأسباب؟

شكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ س حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما سألت عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

1- من المقطوع به -أخي الكريم- أنه لا يقع في ملك الله إلا ما يريد الله عز وجل، وكل شيء بتقدير، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، والمؤمن يعتقد ذلك ويؤمن به في إطار قول الله تعالى: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).

لذا أول ما نوصيك به أن تجمع قلبك على دينك، وأن تثق أن الأمور بيد الله عز وجل، وأن الله قادر على كل شيء، فاستعن بالله أولاً ولا تعجز.

2- نؤكد كذلك أن العين حق، ولها تأثير عام، ويقع بمشيئة الله تعالى، وقد دل على ذلك القرآن والسنة، فمن القرآن ما قاله الله على لسان يعقوب عليه السلام: (وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ)، والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم: خوفاً عليهم من العين.

كذلك قول الله: (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ).

أما السنة فروي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا)، رواه مسلم.

بالنسبة لك فقد استشرت الأطباء المتخصصين، وقد أجمعوا أن الأمر بعيد عن تخصصهم، وأنك حين بدأت قراءة سورة البقرة وجدت آثاراً لذلك، وهذا يدل على أنك على الطريق الصحيح للعافية بعون الله.

3- اعلم -أخي الكريم- أن علاج العين أو الحسد أو غيرهما أمر هين، فلا تقلق ولا تستعظم ما ألم بك، بل عليك الهدوء، ومن ثم القيام بما ورد في الكتاب والسنة، والمحافظة على الأذكار الصباحية والمسائية مع الإيمان والتصديق واليقين بالله عز وجل.

4- الرقى -أخي- ثابتة بالكتاب والسنة، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الاسترقاء بـ "قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وقال: لم يتعوذ الناس بمثلهن،" رواه مسلم.

كان النبي صلى الله عليه وسلم إذ اشتكى قرأ على نفسه المعوذتين ونفث، متفق عليه، والنفث: النفخ.

تعوذ النبي صلى الله عليه وسلم بالمعوذتين لما سحره اليهود، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لمن رقى بالفاتحة: "وما يدريك أنها رقية" رواه البخاري.

عليه فالرقية الشرعية من الكتاب والسنة هي النافعة بعون الله، ونحن ننصحك بما يلي:
أولاً: الرقية بهذا الآيات لكل البيت:
1. الفاتحة.
2- الكرسي.
3- الإخلاص.
4- المعوذتان.
5- آيتان في نهاية سورة البقرة.

ثانياً: قراءة سورة البقرة كل ليلة في البيت، فإن لم تستطيعي فعلى الأقل سماعها كل ليلة، المهم أن يكون ذلك كل ليلة ولا بد من الصبر والاستمرار -أختنا الفاضلة-.

ثالثاً: المحافظة على الأذكار والأوراد الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويمكنك الاستعانة بكتاب، حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة.

رابعاً: الرقية على الماء وصبها عليك فهي نافعة بعون الله تعالى، فقد ذكر ابن القيم أثراً في ذلك عن أبي حاتم عن ليث بن أبي سليم قال: (بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بعون الله، تقرأ في إناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور).
والآيات هي قوله تعالى: (فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين) [يونس81 ]، وقوله: (فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون) [الأعراف 118إلى120]، وقوله: (إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) [طه69].

وقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله حين سئل عن ذلك: ثبت في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في ماء في إناء وصبه على المريض، وبهذا يعلم أن التداوي بالقراءة في الماء وصبه على المريض ليس محذوراً من جهة الشرع، إذا كانت القراءة سليمة.

يمكنك الاستزادة حول هذا كله من خلال كتاب الشيخ عبد الله الطيار (فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين)، وقد قدم له فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى.

كما يمكنك الاستعانة بالمشايخ الذي يعالجون بالكتاب والسنة وإن كنا نفضل أن تقوم أنت بذلك.

الاستمرار على ذلك -أخي- مع الصبر واليقين بالله هو الطريق للشفاء بعون الله.

نسأل الله أن يصرف عنك ما ألم بك، إنه جواد كريم، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً