الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع قريبي الذي يحاول إعاقتي في عملي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا رجل شارفت على الأربعين، كنت ناجحاً في الدراسة، وحصلت على مؤهل عالي (دكتوراه) وتوظفت في القطاع العام بناء على مسابقة، لكن بلدي يعتمد علي الواسطة بشكل كبير، ولجأت إلى قريب لمساعدتي، لكنني اكتشفت لاحقاً أنه سيء إلى درجة كبيرة، حيث إن له أنشطة مشبوهة، وأي خدمة يقدمها لابد أن تكون مشروطة بالولاء المطلق، أو قل: التجنيد إن شئت.

وبعد أن اكتشفت أمره اعتزلته، ورفضت خدماته، لكنه صار يستخدم علاقاته لإعاقتي مهنياً، ويفرض علي حصاراً بوسائل خفية أحياناً، وأحياناً ظاهرة، مما سبب لي الكثير من المشاكل، وتقدم زملائي، وأنا ما زلت أراوح مكاني وأصبحت شبه فاشل مهنياً، مع أني مسلم، وأثق في ربي، وأعلم أن هذه قد تكون ابتلاءات.

لكنني صرت حائراً في أمري، لا أدري هل أهاجر؟ أم هل أتظلم إلى العدالة؟ هل أشكو إلى أشخاص آخرين؟

أشيروا علي وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أبو مدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فإذا كانت الهجرة متيسرة فهي أفضل من معاداة قريبك الذي نرجو أن تقابل إساءته بالإحسان وتصبر عليه، ونحن نبشرك بتأييد الله، بنص حديث رسول الله وبشارته لمن جاء يشكو قرابته الذين قابلوا إحسانه بالإساءة، وحلمه بالجهل، وألفه ووصاله بالقطيعة، فقد قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك )، ومعنى (تسفهم المل) يعني: تطعمهم الرماد الحار، وهو كناية عما يدخل عليهم من الشرور لإساءتهم لقريبهم.

وأرجو أن تكون لطيفاً مع قريبك، ولا توافقه على ما يحمل من الباطل، وذكره بالله أولاً ثم بحق القرابة، ولا تظهر عداوتك له، فإنه لن ينتفع بذلك سوى عدونا الشيطان، واعلم أن من يفعل الشر يجني على نفسه قبل غيره، وأن أهل الأرض إن اجتمعوا وخططوا وتآمروا على أن يضروك بشيء، لن يستطيعوا إلا بشيء قد كتبه الله عليك، وإن اجتمعوا على أن ينفعوك لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وأنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن النصر مع الصبر، وأن مع العسر يسراً، فاتق الله واصبر، ولا تلومن أحداً على ما لم يؤتك الله، وارفع حاجتك إلى الله.

واعلم أن الدنيا مليئة بالظلم، وخير للإنسان أن يكون مظلوماً ينتظر تأييد الله، ونحن لا نؤيد اعتزاله إلا بعد اليأس من إمكانية إصلاحه، وارفض أي خدمة يكون ثمنها الدين، ولا تحرص على عداوته والتشهير به، فإن ذلك لن يزيده إلا بعداً وعناداً .

وليس أمر النجاح أو الفشل بيد أحد من الناس، وليس الفاشل من نجح في حياته، ولكن الفاشل حقيقة هو من اشتغل بتعطيل الناس والوقوف في طريقهم، وليس كل من نال لعاعة الدنيا ناجحاً؛ لأنه ربما أخذها بغير حق، لتكون وبالاً عليه في الدنيا، وناراً وخسارة في الآخرة.

وأرجو أن تنظر إلى من هم أسفل منك في أمر الدنيا، ولا تنظر إلى من هم أعلى؛ كي لا تزدري نعمة الله عليك، واعلم أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتق الله واشتغل بما يرضيه، وتوكل عليه فإنه مولانا، فنعم المولى ونعم النصير.
وبالله التوفيق والسداد.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً