الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خالي مواقفه سيئة معي، فهل أستعين بخالي الآخر عليه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب، يتيم، أعيش في بيت جدي، أبذل جهدًا في المذاكرة حتى أتخرج من الكلية، وأحتاج في هذه السن إلى أن أكون محترمًا، ويتغاضون عن أخطائي بسبب الضغط النفسي، ولكن خالي كانت له مواقف سيئةً معي؛ فهو يصرخ علي ويشتمني، ويقول إنه لم يفعل شيئاً، وتكون جدتي في صفه، بينما أمي لا تستطيع عمل شيء، فهل يجوز أن أستعين بخالي الآخر عليه، أم أنه لا تجوز الاستعانة إلا بالله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ............ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في موقع إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسّر أمرك، ويقوّيك على الطاعة، ويرزقك السداد، والقبول، والسكينة في القول والعمل.

نؤكد لك أولًا أن الله مطّلع على حالك، كريمٌ لا يضيع من لجأ إليه، وقد قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 153]، وقال: ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [النحل: 127].

الأخ الكريم : دعنا نعطيك بعض النصائح المفيدة -بإذن الله-:

أولًا: الاستعانة بالله عز وجل: بأن تجعل أول ملجأ وأعظم سند لك هو الله؛ فمن التجأ إليه كفاه، ومن توكل عليه كفاه، فأكثر من الدعاء في سجودك، وقل: "اللهم اكفني شر من يؤذيني، واجعل لي فرجًا من حيث لا أحتسب، وأكرمني بالعزة والقبول".

ثانيًا: التمسك بحسن الخلق، والتغافل عن بعض الإساءات؛ فمن صفات المؤمن الحليم أنه لا يقابل كل أذىً برد فعل مباشر، بل يغض الطرف أحيانًا كرامةً لنفسه، وابتغاءً لرضا الله، وتجنبًا لتضخيم المشكلات، والتغافل هنا لا يعني الضعف، بل هو علامة على القوة الداخلية، والثبات النفسي.

ثالثًا: جد من تثق به في محيط الأسرة، ممن يستطيع التدخل بالخير من دون مخاصمة، ولا مانع من الاستعانة بخالك الآخر، إن كنت ترى فيه حكمةً، ورحمةً، فلعله يذكّر خالك الأول -برفق- بحقك، وبضرورة الكفّ عن الأذى، ولكن بشرط أن يكون تدخله بالحكمة والهدوء، لا بالشدة والتصعيد؛ لأن هدفك ليس الخصومة، بل حفظ كرامتك، وإزالة ما يؤذيك.

رابعًا: التفاهم الهادئ مع والدتك أو جدتك إن استطعت؛ فقد لا يكون لديهما القدرة على ردع خالك، ولكن يمكنك أن توصل لهما رسائل غير مباشرة عن مدى تأثير هذه المواقف عليك؛ فربما تغيّر إحداهما طريقة تعاملها، أو تبذل جهدًا في التهدئة، وهذا خير من الصمت المطلق.

خامسًا: التركيز على دراستك ومستقبلك: بأن تجعل كل ألم تمر به وقودًا للنجاح، وقل لنفسك: سأثبت أنني أكبر من هذه الظروف، وأستحق حياةً أفضل، فكم من شابٍ صبر على الألم حتى بلغ من المجد ما لم يبلغه غيره.

سادسًا: الحرص على بيئة صالحة خارج البيت: وذلك بأن تبحث عن رفقة صالحة من زملاء، أو جيران، أو في حلقات العلم، تشعر معهم بالتقدير، والراحة النفسية؛ فوجود من يُشعرك بأنك محترم ومُقدّر له أثرٌ كبير في تخفيف الضغوط.

وفي الختام: ندعوك إلى الصبر، وعدم الانفعال، والاستمرار في الاجتهاد، وسيفتح الله لك أبواب الخير من حيث لا تحتسب، واعلم أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

نسأل الله تعالى أن يرفع عنك ما أهمّك، وأن يعوّضك خيرًا في الدنيا والآخرة، وأن يجعل لك في قلب كل من حولك ودًّا، وأن يُفرّج كربك عاجلًا غير آجل.

ولا تتردد في العودة إلينا في أي وقت، فنحن معك -بإذن الله-.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً