الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم يحمل من الإسلام غير اسمه

السؤال

السلام عليكم.
أطلب من حضرتك الدعاء لي بشدة؛ لأني محتاج للدعاء أن يجعلني الله من المسلمين وأن أسير على طريقة السلف، علماً بأني غير موفق في أي طاعة وكلي معاص وكبائر، أرجو أن تدعو لي كثيراً؛ لأني لا أدري ماذا أفعل، الوقت يمر بسرعة، وكلما أسمع القرآن أتحسر على نفسي فادع لي لعل الله أن يستجيب منك وأهتدي وينقذني من الضلال ويصلحني وينقذني من الغفلة التي أنا فيها، أدعوا لي كثيراً وجزاكم الله خيراً، فأنا لم أحمل من الإسلام غير اسمه فقط وليس لدي عقيدة، فأرجو أن تدعو لي بالإيمان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ نور الدين حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ابني العزيز! أسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك، وأن يرزقنا وإياك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
فقد جاء رجل إلى الإمام أحمد رحمة الله عليه وطلب منه أن يدعو له، فقال له الإمام: ويحك! ألك أم؟ قال: نعم، قال: فمرها فلتدع لك فإن دعوتها مستجابة. فلما انصرف دعا الإمام له أيضاً، وفي هذا الموقف تربية عظيمة، علمنا فيها أن التوجه إلى الله ليس من الضروري أن يقصد فيه شخص بعينه؛ لأن أبواب السماء مفتوحة، والله يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، والإنسان إذا أراد حاجة من أهل الدنيا تواجهه أبواب وحجب وسكرتاريات وترجي وانتظار، ولكن من يريد أن يتوجه إلى الله فعليه أن يحسن الوضوء ويدخل في صلاته، فيُقبل فيها الرحيم سبحانه على عبده يسمع نجواه ويستجيب دعائه، ولقد أحسن من قال:

لا تسألن بُني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا توصد
الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يُسأل يغضب

فأرجو أن تدعو لنفسك وأن تخلص في الدعاء، وقدم بين يدي لجوءك إلى الله طاعات وقربات، وأرجو أن تسعد بدعاء والديك إذا كانوا أحياء، وإذا علم الله منك الصدق يسر أمرك وقبل توبتك، قال تعالى: (والذين اهتدوا زادهم هدى.. ) ومن الذي أقبل على الله فلم يوفقه أو توكل على الله فلم يكفيه؟ والأمر يحتاج منك إلى عزيمة وإرادة قوية، وأنت تملك هذه الأشياء بتوفيق الله .

وأبشر يا أخي، فهذا الإحساس دليلٌ على بذرة الخير في نفسك، واجتهد في البحث عن رفاق الخير وبيئة الخير، وعليك بالتردد على بيوت الله، قال سبحانه: (( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ... ))[النور:36]، وقال سبحانه: (( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ))[الكهف:28].
أما بالنسبة للمعاصي التي تلبست بها فقد سمى الله نفسه توابا ليتوب علينا، ورحيما فهو راحم الخلق، وهو القائل سبحانه: (( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ))[طه:82] فعلينا أن نطوي صفحة الماضي، ونقبل على الطاعات، والتوبة تمحو ما قبلها، بل إن الصدق في التوبة والإخلاص فيها يحول السيئات إلى حسنات، قال تعالى: (( إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ))[الفرقان:70] فاحرص على كسب الحسنات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وإذا جاهد الإنسان نفسه واستمر في الطاعات فسوف يجد للطاعة حلاوة وللإيمان طعماً، ونحن من جانبنا نسأل الله أن يوفقك ويصلحك، وأن ينفع بك بلاده والعباد، وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً