الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سرعة الغضب والغليان وعلاقته بأعراض مرض الفصام

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أطرح عليكم سؤالا، لكن بعد أن أحكي لكم تجربتي مع المرض.

أنا كنت فتاة متفوقة في دراستي، حيث كنت دائماً الأولى على مدرستي، وحتى في الجامعة تخرجت بتقديرات عالية.

مشكلتي بعد أن تخرجت وعملت، وجدت أن هذا ليس طموحي الذي كنت أسعى له، فانتابتني أفكار حاولت على إثرها أن أغير من قسم إلى قسم داخل نفس المؤسسة، وبالفعل انتقلت إلى قسم آخر، وبعد ذلك بدأت أحس أن الناس تراقبني، وأن زميلتي في العمل تحضر الجن، لم أستطع مقاومة كل ذلك، بالإضافة إلى غضبي السريع وغلياني الداخلي، والتفكير الكثير جداً بالعمل وبالناس، فأصر والدي على ذهابي للطبيب النفسي الذي وصف لي علاجات مختلفة لا أذكر اسمها، ولكن كل مرة كانت حالتي تسوء رغم استمراري في العمل، إلى أن ذهب بي والدي إلى طبيب آخر، ووصف لي زبركسا وبروزاك، وتحسنت حالتي بعدهما، حيث استمريت بأخذ جرعات زائدة، منهما لمدة 3 سنوات، حيث كنت آخذ 20 ملجم من الزبركسا وحبتين من البروزاك، ثم 10 ملجم من الزبركسا وحبة من البروزاك، ثم 5 ملجم من الزبركسا وحبة بروزاك.

وفي أثناء ذلك كنت أحس بالخوف من العمل والناس وقيادة السيارة، فطلبت من الطبيب أن يعطيني دواء للخوف، فأعطاني " انديرال"، وبالفعل استمريت على نفس هذه الأدوية لمدة أطول -حوالي 3 سنوات أخرى- شعرت بعدها بأن مخي يضيق شيئاً فشيئاً، فقد صرت غبية لا أفهم سريعاً كما كنت سابقاً، وكرهت القراءة التي كنت أحبها، وزاد وزني، وأصبحت أتجنب الناس وأشياء كثيرة، إلى أن قررت سنة 2005 أن أخفض من هذه الأدوية دون استشارة الطبيب، حيث بدأت بتخفيض الزبركسا إلى 2.5 ملجم، شعرت بعدها بالتحسن، ثم توقفت عن الانديرال تماماً، وشعرت بتحسن أكثر بكثير، وبعد فترة توقفت عن البروزاك وشعرت بالفعل أني إنسانة طبيعية جداً ـ والحمد لله ـ ثم بعد ذلك خفضت الزبركسا إلى 1.5 ملجم، شعرت بالتحسن أيضاً وبدأت أرجع للقراءة مرة ثانية، لكني لم أكمل الشهر، حيث أحسست بالغضب السريع والغليان لأتفه الأسباب، وعاودتني أفكار كثيرة جداً حول العمل، لدرجة أني لم أستطع أن أنام، ولذلك رجعت وأخذت 2.5 ملجم من الزبركسا، وأنا الآن أحسن بكثير والحمد لله.

سؤالي هو: هل أنا مريضة بالفصام حقا؟ وهل سرعة الغضب والغليان الداخلي الذي كنت أشعر به بدون الزبركسا دليل على وجود الفصام؟ وإلى متى يجب علي أن آخذ هذا الدواء؟ وكيف أستطيع أن أرجع لممارسة هوايتي -وهي القراءة- طالما أني لا زلت أتناول الزبركسا (2.5 ملجم)؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد،،،

فحقيقةً الوصف الذي ورد في رسالتك ونوعية الأدوية التي أعطاها لك الأطباء توضح أنك فعلاً عانيت من حالة من حالات الفصام، ولكن الحمد لله هو من النوع الطيب أو النوع غير الخطير، حيث أن الفصام مرض كثير الأنواع ومتعدد الجوانب، أنا أقول هذا الكلام بكل صدق وأمانة، وليس من قبيل أن أطمئنك فقط.

وأرجو أن أوضح لك أن كلمة الفصام ليست بالسوء أو ليست بالقبح الذي يعتقده الناس، هو مرض لا ننكر أنه قد يكون شديداً، ولكن الحمد لله الآن أصبح من الممكن جدّاً علاجه، وممكن جدّاً أن يعيش الإنسان حياة طبيعية، ولا شك أن الغضب الذي يحدث يكون من صميم الفصام في بعض الحالات؛ لأن الفصام كما الظنان والشكوك واضطرابات الأفكار قد يشمل أيضاً اضطرابات وجدانية، ومنها سرعة الغضب وسرعة الإثارة كما يحدث لبعض الناس.

الشيء الذي أود أن أحتم عليه هو: أن تستمري على العلاج، أرجو ألا تيأسي مطلقاً، وهنالك إشارات أن هذا المرض ناتج عن اضطراب كيميائي، هنالك مواد تعرف بالناقلات العصبية أو الموصلات العصبية، من أهمها مادة الدوبمين، ومادة السيرتونيل، يعتقد وبصورة حقيقيةً قوية ويعتد بها أن هنالك اضطرابا هو الذي يسبب هذا المرض، أي اضطرابا في هذه المادة، ولذا لابد أن نصحح هذا المسار الكيمائي بطريقة كيميائية أو بيولوجية، وهذا بالطبع لا يتم إلا عن طريق الدواء.

أنت الآن تتناولين الزبركسا بجرعة 2.5 مليجرام، وهي جرعة صغيرة جدّاً وتعتبر جرعة وقائية، أنا الذي أرجوه وأنصح به أن تستمري على الدواء، لا أقول لك مدى الحياة؛ ولكن بالطبع أنت محتاجة للدواء لمدة طويلة، أرجو أن تعتبريه مثل أي مرض آخر، مثل السكر، ارتفاع الضغط وخلافه: وكل هذه الأمراض المزمنة والتي يتعايش معها الناس بصورة جميلة.

حقيقةً ما حدث لك من سوء في التركيز هو بالطبع يحدث مع هذا المرض في بعض الحالات، والدواء الذي كنت تتناولينه -وهو الزبركسا والبروزاك- لا يؤدي مطلقاً إلى شعور بالتبلد أو عدم التركيز، بل على العكس تماماً هذه الأدوية الحديثة يحمد لها أنها تحسن التركيز، فإذن أرجو أن تستمري على علاجك.
وأرجو أيضاً أن تمارسي الرياضة؛ لأن الرياضة تنشط الإفرازات الكيميائية وتحسن التركيز، وكذلك تؤدي إلى نقصان الوزن، والذي بالطبع هو نتج عن تناول الزبركسا.

أؤكد لك مرة أخرى أنه لا يوجد أي تعارض مع القراءة وتناول الزبركسا، أنا أعرف أساتذة في الجامعات أصيبوا بهذا المرض، وهم يقومون بدورهم العلمي بصورة رائعة، ويتناولون الأدوية مثل الزبركسا أو الرزبريدال أو الأدوية المشابهة.

أرجو أن ترجعي إلى هوايتك وهي القراءة، اقرئي مواضيع قصيرة، كرري الموضوع أكثر من مرة، هذا إن شاء الله يحسن التركيز، وحين تقرئين أي موضوع لا تشغلي نفسك بالأمور المستقبلية أو الأمور الماضية، ركزي على ما أنتِ فيه، وستجدين إن شاء الله عوناً كثيراً في ذلك.

هنالك أيضاً حقيقة ثابتة، وهي أن قراءة القرآن الكريم والمواظبة عليه تحسن التركيز وترفع من ملكات الحفظ بإذن الله تعالى.

أرجو أن أؤكد لك أن مرضك هو مرض طبي، وهو إن شاء الله قابل للشفاء، وأرجو أن تكوني حريصة جدّاً على الاستمرار في الدواء.
وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً