الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المشاعر السلبية تجاه الآخرين وفقدان الثقة بالنفس والناتجة عن حالات الاكتئاب والقلق

السؤال

السلام عليكم.

لقد بحثت في عوارض الطب النفسي لإيجاد حالات مشابهة لحالتي، وقد وجدت بأن الاكتئاب هو أقرب الحالات إلى مرضي تقريباً، أحمل معظم عوارضه بنسب متفاوتة، ولا أحكم على نفسي تماماً بل أترك لك حرية الجزم على الحالة.

بكل بساطة قد تأتي بعض الأوقات أحس بالحزن وبشكل متقطع، لم أعد أهتم للحياة وأفرح بها، فقليلاً ما أتفاءل حتى أحلامي تضاءلت وصغرت.

كما أني لم أعد أستمتع كلياً بالأمور التي كنت أستمتع بها من قبل، وإن قمت ببعضها أقوم بها بشكل سريع، فمثلاً زيارة صديق وكأنني أترجى الوقت ليمر سريعاً، وأعود إلى انطوائيتي، كما أنني لم أعد أستمتع بالحديث مع الزملاء في العمل أو في أي مكان أكون متواجداً به.

وأحس بأن الأحاديث مكررة ومملة وغير جديدة، ودائماً ما أتحاشاها وذلك جعل الناس قليلاً ما يفتحون مواضيع للنقاش معي لإدراكهم بالملل الذي سيطرأ حينها، وكذا قلة مخيلتي.

وعلى فكرة ليس لدي أصدقاء مقربون، هما تقريباً اثنان، الآخر لم أجلس معه طويلاً منذ أكثر من 6 أشهر، ولم أعد أستطيع تكوين علاقة صداقة عميقة منذ فترة طويلة جداً، لا أدري ممكن لعدم ثقتي بالزملاء الجدد (مجرد إحساس)، حتى مع أهلي أصبحت مثل الغريب لم أجلس معهم بشكل دائم ولم أعد قريباً منهم.

أيضاً عندي انعدام الشهية في بعض الحالات، إلا من بعض المأكولات، والأكل لمجرد سد الجوع، والأمر المهم الإحساس بعدم أهميتي في أي موضوع، وكأني ليس لي لزوم وأني مكروه، وأحس أني مثلاً لا أستاهل، ولست جديراً بالأمر الفلاني، ولا أستحقه، ولا أرقى للشيء العلاني الآخر، ولم يعد لي رأي، حتى مع إخواني الأصغر مني أفقد احترامهم لي.

التركيز بصعوبة شديدة أتحكم بتركيزي لدرجة فظيعة، وقلة ذاكرتي لدرجة أني في البيت أنسى أين أضع جوالي أو مفاتيحي في كل مرة أنقله بها، حتى أني أنسى أسماء البعض من أقاربي مما يسبب لي الحرج الشديد.

هذه النقطة قد ذكرتها بشكل مطول لكن اختصرها هنا، وهي عدم القدرة على التكيف مع المجتمع، وأكون دائماً منطوياً ومنغلقاً، وأكثر ارتياحاً عندما أكون بمفردي باستثناء بعض الأشخاص، وإحساسي بأني مكروه.

فقدت حيويتي التي كنت أشتهر بها فيما مضى عند القيام بأبسط بالأعمال المطلوبة مني، والإحساس بالكسل والإعياء وقلة التفكير، والصعوبة في التركيز، وردة الفعل المتأخرة.

أرجو منك - أخي الكريم - النصح والمساعدة، حيث أشعر بأن حالتي تسوء يوماً بعد يوم.

وجزاك الله خيراً، وجعلها في موازين حسناتك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نواف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيها الأخ الكريم: لقد أوفيت في وصف حالتك، وأقول لك إنها بالفعل نوع من الاكتئاب المصحوب بالقلق، والذي بالطبع أدى إلى الكثير من المشاعر السلبية، واهتزاز الثقة بالذات.

من الضروري جدّاً أن تعرف أن هنالك جزئية مهمة في الاكتئاب لابد أن يعالجها الإنسان بنفسه، وهي أن يحاول إعادة الثقة في نفسه، وأن يكون إيجابياً، وألا يساوم نفسه أبداً - أي لا يتردد في اتخاذ القرارات- وألا يتكاسل عن الحد الأدنى من الواجبات اليومية التي يجب أن يقوم بها.

الأبحاث تدل على أن التفكير السلبي هو الذي يؤدي إلى الاكتئاب، وليس الاكتئاب هو الذي يؤدي إلى التفكير السلبي.
إذن: إذا صححنا من أفكارنا نستطيع أن نهزم الاكتئاب، وأنت والحمد لله في مقتبل العمر وطالب جامعي وأمامك الكثير من الأيام المشرقة بإذن الله.

لا شك أن العلاج الدوائي سوف يُفيدك بصورة جيدة جدّاً، والدواء الذي أرى أنه سوف يفيدك هو العقار الذي يُعرف باسم بروزاك، والبروزاك يزيد الطاقات ويزيل الاكتئاب بإذن الله تعالى، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة 20 مليجرام في اليوم -أي كبسولة واحدة- لمدة شهر، ويفضل أن تتناوله بعد الأكل؛ حيث أنه ربما يؤدي إلى عسر في الهضم بسيط إذا تناوله الإنسان قبل الأكل، وبعد مضي شهر ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم يمكنك التوقف عنه.

وهنالك أدوية أخرى بديلة، منها سبرالكس، ومنها زولفت، وكلها موجودة والحمد لله في المملكة.

إذن أخي: المطلوب هو التفكير الإيجابي، والفعالية، وتناول هذا الدواء، ولا شك أن ممارسة الرياضة أيضاً سوف تفيدك، وأرجو أن تجبر نفسك وأن تجلس مع أصدقائك، ويا حبذا لو انضممت لأحد حلقات التلاوة، وسوف تجد أنك أصبحت أكثر قبولاً لنفسك وللآخرين، وسوف تجد كل المساندة.

أنا على ثقة كاملة بإذن الله تعالى أنك بعد أن تتناول الدواء سوف تشعر بتحسن كبير، وسوف يصل هذا التحسن قمته إن شاء الله بعد شهرين من تناول الدواء.

وبالله التوفيق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً