الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حساسية الشخصية وقلة الثقة بالنفس

السؤال

أكتب مشكلتي بعد تردد، فأرجو منكم المساعدة، وجزاكم الله خيراً.

مشكلتي هي حساسيتي الزائدة، فأي تصرف أو كلام في حضور الناس أحاسب نفسي عليه فيما بعد: لم قلت كذا أو لم فعلت كذا؟ بالإضافة أنني أدرس الطب، وأنا الآن في السنة الثالثة، وتقديراتي في السنتين الماضيتين إما ممتاز أو جيد جداً، ولكنّ قلة ثقتي بنفسي تقنعني أن كل هذا بالصدفة.

هذه المشاكل عزلتني عن الناس وأتعبتني، فأرجو منكم المساعدة، وعذراً على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فتاة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً: الإنسان قد يكون حساساً وهذه سمة من سمات الشخصية، والحساسية بدرجة معقولة هي درجة من درجات الحياء، ولكن بالطبع إذا زادت ربما تؤدي إلى احتقانات وتوترات داخلية.

هنالك تجارب علمية كثيرة تشير أن الأشخاص الذين ينظرون إلى أنفسهم نظرة حساسة هنالك مبالغة كبيرة جدّاً في تقديرهم لأنفسهم، بمعنى أن هؤلاء الأشخاص إذا كان مستوى حساسيتهم بنسبة (50%) في حقيقته، فهم ينظرون إليه بدرجة أكبر أنه (90) أو (95%)، وهذه هي المشكلة الأساسية.

إذن: أرجو ألا تقدري درجة هذه الحساسية بصورة مبالغة فيها أو بصورة مضخمة، هذا منطلق أساسي من المنطلقات التي تساعد الإنسان لأن ينظر لنفسه أنه أقل حساسية.

ثانياً: من أكبر الأسباب التي تؤدي إلى الإفراط في هذه الأحاسيس هو أن الشخص يميل في بعض الأحيان إلى الكتمان، أي يسكت عن الأشياء التي لا ترضيه، خاصة الأشياء الصغيرة منها، فأرجو أن تعبري عن ذاتك حسب الموقف، لا تتركي الأشياء الصغيرة التي لا ترضيك تتراكم وتحتقن، وهذا بالطبع يؤدي إلى نتائج سلبية في التفكير والوجدان، مما يترتب عليه محاسبة قاسية للنفس، وربما ينتهي بانفعالات وانفجارات نفسية شديدة، يحس الإنسان بعدها بالذنب، لذا أرجو أن تعبري عن نفسك.

ثالثاً: لا بد أن يكون هنالك مجال لأن تتحملي بعض الأخطاء في حياتك، لا يوجد كمال، الكمال لله تعالى فقط، الإنسان لا يستطيع أن يصل إلى علاقة مثالية مع أي إنسان، ولا يمكن أن نقول كلاماً مثالياً أو نتصرف تصرفات مثالية، إذن اتركي متسعاً في تفكيرك لأن تصدر منك بعض الأخطاء، ولا تعاقبي ولا تحاسبي نفسك بقوة وقسوة، هذا ضروري جدّاً.

رابعاً: أنت الحمد لله الآن في السنة الثالثة في كلية الطب، ولا يمكن أن تصلي لهذا المستوى إلا إذا كنت من الممتازين والمتفوقين، تقولي أن تقديراتك في السنتين الماضيتين إما ممتاز أو جيد جدّاً، وتقولي أن ذلك ربما يكون بالصدفة، هذا ليس صحيحاً، لا مجال للصدفة هنا، لا مجال للصدفة في دراسة الطب، أنت مقتدرة وقادرة، ومرة أخرى أقول لك: يجب ألا تحقري من قيمة نفسك، ولا تقللي من تقديراتها، هذا أيضاً يبني الثقة في النفس بإذن الله تعالى.

خامساً: أرجو أن تنضمي لأي جمعية خاصة للفتيات في الكلية أو في المنطقة التي تعيشين فيها، جمعية خيرية أو اجتماعية، أو جمعية لتلاوة القرآن، هذا إن شاء الله سوف يجعلك تعيشين في محيط لا يحاسب الإنسان نفسه فيه كثيراً؛ لأنه بين إخوانه وبين من يثق فيهم، وهذا إن شاء الله أيضاً يساعدك.

لا بأس بممارسة أي نوع من الرياضة، فهي تمتص الطاقات النفسية المنحرفة، وتكون طاقات نفسية إيجابية جديدة، عليك أيضاً بتمارين الاسترخاء، أي نوع من تمارين الاسترخاء، ومنها تمارين التنفس، يمكنك الاستلقاء في مكان هادئ ثم تأخذي نفساً عميقاً وبطيئا، بعد ذلك أمسكي الهواء في داخل صدرك لمدة 5 إلى 10 ثوانٍ، ثم بعد ذلك أخرجي الهواء، وهذا هو الزفير، ولا بد أن يكون بنفس القوة والبطء الذي نفذت به الشهيق، كرري هذا التمرين عدة مرات، وسوف تجدين -إن شاء الله- أنه قد ساعدك كثيراً.

من التجارب العلمية الزائدة أن الأشخاص الذين يعانون من الحساسية في شخصياتهم يوجد أيضاً لديهم جانب من القلق، لذا سيكون من المفيد لك أيضاً وحتى تكتمل هذه الاستشارة العلاجية، سيكون من المفيد لك أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للقلق، والعقار الذي أرشح استعماله هو فلونكسول، وجرعته هي حبة واحدة من فئة نصف مليجرام، تناوليها حبة واحدة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم توقفي عنها، ثم بعد ذلك يمكن استعمالها عند اللزوم، أي متى ما رأيت أنكِ قلقة أو متوترة، أو أن الحساسية في داخل نفسك أصبحت لا تحتمل، أو أصبحت تميلين كثيراً إلى لوم نفسك.

أخيراً: أسأل الله لك التوفيق والسداد، وعليك أن تثقي بنفسك وبمقدراتك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً