الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ظهور أعراض الاكتئاب والرهاب الاجتماعي منذ 9 سنوات

السؤال

أشعر بالغم والتعاسة، وفقدت القدرة على التمتع بالحياة، والشعور بالوهن من تعب ونقص النشاط، وأشعر باليأس والإجهاد الكبير عند التفكير في أبسط الأمور، وأعاني من إفراط في النوم وفقدان الشهية للطعام، وأعاني من شدة الاكتئاب في الصباح.

أما الرهاب الاجتماعي فهو ما يسبب لي الإحراج دائماً، ومؤثر في حياتي، حيث أني لم أكمل دراستي ولم أستطع الذهاب للدكتور للإفصاح عن مشاكلي النفسية، فأشعر دائماً بالتوتر عندما أجلس مع الأصدقاء وأتكلم معهم، فأخشى أن يضحكوا على طريقة كلامي أو على نبرة صوتي، وعندما يمازحونني بالكلام أشعر بإحراج كبير واحمرار الوجه وعدم الاستطاعة في الكلام والرد عليه أو بالضحك لمجاملته، لأني متأكد أنهم يمازحونني لأنني أمازحهم بنفس الطريقة.

وأيضاً أعاني من القراءة الجهرية أمام مجموعة من الناس سواء في المسجد أو في القاعة الدراسية، فلا أستطيع القراءة، وأعاني من مشاكل عندما أقابل مسئولاً في مكتبه مثل تلعثم في الكلام وفرك اليدين ونبضات القلب العالية.

وأعاني أيضاً من الخوف الشديد لمواجهة المشاكل سواء كانت بسيطة أو صعبة.
فأني في تفكير دائم في مستقبلي حيث لم أكمل دراستي ولم أتوظف ولا أستطيع الزواج أيضاً.

أرجو منكم مساعدتي لتخطي هذه المشاكل القاهرة القاتلة، لأنني مللت من وضعي وحياتي، فأرجو منكم نصحي بالدواء وطريقة استعماله ووقت استعماله ومن ثم نصحي بالنوع الآخر من العلاج إن وجد.

والله الموفق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أن أعراض الشعور بالوهن وقلة الطاقة والشعور باليأس والإجهاد الكبير وكثرة النوم هي من أعراض الاكتئاب النفسي، والاكتئاب النفسي ربما يكون اكتئاباً محدوداً وظرفياً، وهذا هو الذي أتمناه في مثل حالتك، وأنت أيضاً تعاني من الخوف والرهاب الاجتماعي، وهذا الرهاب الاجتماعي ربما يكون هو البداية للأعراض ومن ثم تولد عنه الاكتئاب وعدم القدرة على التمتع بمباهج الحياة والنظرة الإيجابية لها، وهذه العلاقة معروفة جدّاً، بمعنى أن الخوف والتوتر ربما يؤدي إلى الاكتئاب، وربما يكون العكس صحيحاً في بعض الحالات، بمعنى ربما يكون الأمر قد بدأ معك باكتئاب ثم بعد ذلك أتتك هذه الأعراض ( المخاوف والقلق والتوتر ).

عموماً العلاج يتمثل في أنه إذا كانت هنالك أي أسباب جعلتك تكون مكتئباً أو حزيناً أو لا تستمتع بالحياة وأدت إلى هذه التوترات، لابد أن تنظر في هذه الأسباب وتحاول علاجها بالصورة المتيسرة لك؛ لأن إزالة السبب يعتبر شيئاً ضرورياً جدّاً في العلاج.

ثانياً: التفكير السلبي عامة يعتبر أمراً مضراً جدّاً بالصحة النفسية، ويؤدي إلى أنواع كثيرة من الاكتئاب، ويفقد الإنسان القدرة على التمتع بحياته.

إذن كن إيجابيّاً في تفكيرك، انظر لإنجازاتك مهما كانت بسيطة، انظر إلى من حولك من الإخوة الأفاضل وحاول أن تتخذ منهم قدوة، فهذا هو التفكير الإيجابي وهذا المنهج الإيجابي يساعد كثيراً في إزالة الاكتئاب النفسي.

لابد أيضاً أن تبتعد عن التكاسل ومساومة النفس، كن حازماً مع نفسك في أن تنجز ما يجب ما تقوم به في زمنه ووقته، فهذا أمر ضروري جدّاً، ويمكنك أن تستعين بكتابة جداول يوميّاً وتكون ملزمة لك، فتطبيق منهج إدارة الوقت، يعتبر من أكبر الآليات التي نستطيع أن نتخلص عن طريقها من الاكتئاب النفسي والمخاوف كذلك.

أما بالنسبة للمخاوف بصفة عامة، فهي تعالج بمواجهتها، فيجب أن نواجه الخوف ومصدر الخوف، يجب أن نحقر الخوف وأن ترى نفسك أكبر منه، وهذه حقيقة، فهنالك دراسات تشير أن أصحاب الرهاب والخوف الاجتماعي يتصورون أعراضهم بصورة مبالغة فيها، فبعضهم يرى أنه يرتعش ويرتجف وأنه سوف يسقط أمام الآخرين وأنه يتلعثم في كلامه، وهكذا، فهذا ليس حقيقيّاً، فلقد قام أحد الأطباء النفسيين بتصوير هؤلاء الذين يعانون من المخاوف الاجتماعية عن طريق الفيديو وهم في مواقف اجتماعية، ثم عُرض عليهم هذا الفيديو والتي اشتملت على كل تصرف قاموا به في هذه المواقف، واتضح أن الأعراض التي يعانون منها من ارتجاف وخوف وتلعثم وخلافه هي في الحقيقة 20 % فقط من الواقع، أي تصوراتهم كان مبالغ فيها بدرجة 80 %، وهذا الأمر يجب أن يكون مطمئناً للإنسان ويكون دافعاً له لمواجهة مخاوفه.

ابدأ في أن تواجه المخاوف في الخيال، فتصور نفسك أنك في موقف اجتماعي صعب، أو أنك تقابل مسئولاً أو أنه قد طلب منك أن تصلي إماماً في جماعة بالمسجد، تخيل هذه الأمور وتخيله بعمق ويجب أن تسترسل في الخيال لفترة لا تقل عن ربع ساعة بصفة يومية، كرر هذه الجلسة النفسية التخيلية بصفة يومية وبعدها بالطبع يجب أن تبدأ التطبيق، لا تكن بعيداً من الواقع ومن التطبيق.

يمكن أيضاً أن تستعين بالإخوة والأصدقاء الذين تثق فيهم بمرافقتك في بعض المواقف الاجتماعية، ولكن يجب ألا تكون هذه المرافقة بصورة دائمة، يجب أن تكون في البدايات فقط ثم بعد ذلك تقوم أنت لوحدك بالمواجهة.

هنالك آليات غير مباشرة تعالج الرهاب والخوف الاجتماعي وكذلك الاكتئاب ذاته، منها حضور حلقات التلاوة والمشاركة فيها، فهذا وضع اجتماعي متميز فيه الطمأنينة، وفي ذات الوقت يستطيع الإنسان أن يتفاعل مع الآخرين.

كذلك الرياضة الجماعية مثل كرة القدم أو كرة الطائرة أو أي نوع من الرياضة المتاحة، فهي تجعل الإنسان يتفاعل بصورة شعورية ولا شعورية مع الآخرين مما يقلل من المخاوف الاجتماعية.

هذه هي العلاجات والإرشادات السلوكية، فأرجو أن تتبعها وتطبقها وسوف تساعدك كثيراً.

أما العلاج الدوائي فهو أيضاً متيسر ومتوفر وفعّال، ولا شك أن العلاج السلوكي مع العلاج الدوائي يعطي نتائج باهرة جدّاً.. هنالك دواء يعرف باسم سبراليكس وهو من الأدوية المضادة للاكتئاب في الأصل ولكنه وجد أنه يساعد كثيراً ويزيل المخاوف الاجتماعية وكذلك الاكتئاب والرهبة والتوتر، ويوجد في شكل 10 و20 مليجراماً، ابدأ على بركة الله في تناوله بجرعة 10 مليجرامات ليلاً، واستمر عليها لمدة شهر، ثم ارفعها إلى 20 مليجراماً لمدة سبعة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى 10 مليجرامات لمدة شهرين، ثم إلى 5 مليجرامات لمدة شهر، ثم توقف عن الدواء، وهذا الدواء قليل الآثار الجانبية وهو في منتهى السلامة بإذن الله تعالى.

فقط الذي أرجوه هو الالتزام بتناول الدواء بصورة منتظمة حتى تساعد البناء الكيميائي لهذا الدواء لكي يؤدي فعاليته.

أسأل الله لك التوفيق والسداد والصحة والعافية.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً