الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطريق الصحيح للتخلص من الوساوس التي تتعلق بالعلم

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، وبعد:

لقد تحسنت من نواحٍ كثيرة والحمد لله، ولكن لم أتحسن من ناحية الوساوس المتعلقة بالعلم، فكلما أريد أن أتعلم وأقرأ كتاباً تأتيني في عقلي أفكار وأسئلة مصحوبة بخوف وقلق وصداع، وأجيب عليها ولكن عقلي يعيد الأسئلة مراراً بل مئات المرات، وقد سبّب هذا لي كرها، للتعلم، وقرن التعلم بالقلق والحزن والوساوس، فماذا لو منعت من العلم؟

أحس وكأن العالم يريد أن يمنع عني العلم، وتقوم نفسي بتذكيري بمخاطر منعي من طلب العلم كأن أصبح جاهلاً، ولا أستطيع أن أثبت نفسي، ولا أتمتع بما أستطيع أن أفعله بالعلم، وأتمنى لو أنني كنت صغيراً فكنت أقبل على التعلم بثقة وبراحة نفسية، وعندما أفهم شيئاً وأعمل شيئاً أفرح بشكل كبير جداً، فما السبيل للتخلص من الوساوس؟!

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهذا مجرد وسواس كما ذكرت، ونحن يجب أن نذكر ونرجع دائماً للمبادئ الأساسية في علاج الوساوس، الوساوس هي أفكار سخيفة متسلطة يعرف الإنسان أنها حقيرة، ولكن ربما لا يستطيع التخلص منها، ولكن اتضح أنه يستطيع التخلص منها بمزيدٍ من التحقير وعدم اتباعها ومخالفتها، وربما تجد نوعاً من القلق والمعاناة في بداية المقاومة لهذه الوساوس، ولكن بعد فترة وجيزة جداً يستطيع الإنسان أن يجد أن الأمور أصبحت طبيعية جداً، وأن قبوله للفكرة المضادة للوساوس أصبحت سهلة جداً، وأصبح يطبق ما كان يمنعه عنه الوساوس.

أولاً: أود أن أنصحك بأن تلازم بعض الإخوة المتعلقين بالعلم من زملائك الطلاب الجيدين، وحاول أن تنسق معهم أوقاتا معينة للدراسة والمذاكرة مع بعضكما البعض.

ثانياً: ليتك لو بحثت عن شيء من العلم الشرعي، فهناك بعض الحلقات، وهناك حلقات التلاوة والمدارسة وحلقات العقيدة، فهذه سوف تهزم هذه الوساوس إن شاء الله، وسوف تجد أنك قد أقدمت على العلم بينهم، والشعور بعظمة العلم والتعلم تأتي للإنسان في مثل هذه اللحظات الطيبة.

ومن الوسائل الجيدة جداً لعلاج هذه الحالة، هو أن تجلس في مكان هادئ وتتأمل هذه الأفكار السخيفة، ثم قل لنفسك بصوت عالٍ: قف قف قف أيها السخيف، قف أيها الحقير لن أتبعك، لن أتبعك، أنا أريد أن أتعلم، أنا سوف أتعلم، وبعد ذلك انهض وخذ أحد الكتب واقرأ فيه لمدة خمس دقائق فقط في اليوم الأول، ثم كرر نفس التمرين في نفس اليوم مساءً، وهنا اقرأ لمدة عشر دقائق وهكذا، حقر الفكرة، وفي نفس الوقت ابدأ بالتعلم.

والتمرين الآخر هو حاول أيضاً أن تستلقي وتسترخي وتفكر في هذه الأفكار الوسواسية السخيفة، ثم بعد ذلك قم بإيقاع بعض الألم عليك كأن تضرب يديك في جسم صلب، حتى تحس بألمٍ شديد، اقرن هذا الألم بالفكرة الوسواسية، وجد العلماء أن ذلك يضعف كثيراً من الوساوس.

وحاول أيضاً أن تتأمل في هذه الفكرة، وقم بالنظر إلى الأرض وكأنك تضعها تحت حذائك، حقرها بهذه الصورة، هذه هي التمارين السلوكية الجيدة جداً فقط تتطلب المواظبة وتتطلب الحرص على المواصلة، وكما ذكرت لك يجب أن تستعين بمن يأخذ بيدك ويساعدك في التعلم والمذاكرة والاجتهاد.

ولابد أن تكون حريصاً دائماً لأن تغير مستوى التفكير لديك، وأنا على ثقة أنك تعرف عظمة العلم وأهمية الدراسة، وأهمية التفوق وأهمية التميز، ولكن أريدك أن تعيش ذلك بواقع أقوى، اكسر هذا الحاجز النفسي، فلا تسكت ولا تستسلم، فهذا هو المطلوب، وهذا هو الذي ننصحك بالنسبة له.

ولا شك أن الأدوية النفسية أيضاً تساعد حتى في مثل هذه البؤرة الوحيدة من الوساوس، فدواء مثل البروزاك أو مثل الفافرين قطعاً سيكون علاجاً جيداً يدعم تقليص وتهميش وتفتيت هذه الفكرة بإذن الله حتى تتلاشى، وجرعة البروزاك هي 20 مليجراماً صباحاً، استمر عليها لمدة أسبوعين، ثم ابدأ الفافرين في نفس الوقت، هذا ربما يكون أفضل، ابدأه بجرعة 50 مليجراماص ليلاً، وبعد أسبوعين ارفع الفافرين إلى 100 مليجرام، واستمر على الجرعتين مع بعضهما البعض، وبعد ستة أشهر يمكن أن تتوقف عن البروزاك، استمر على الفافرين 100 مليجرام لمدة شهرين، ثم خفض الجرعة إلى 50 مليجراماً لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله، وهناك أدوية أخرى كالزيروكسات والسبراليكس والزولفت، فكلها إن شاء الله جيدة وفعالة.

إذن؛ حقيقة أنا أدعوك للتغير وأدعوك لهزيمة هذه الوساوس، وتطبيق الأساليب السلوكية السابقة سوف يفيدك إن شاء الله كثيراً مع تناول الدواء، الأدوية السليمة فعالة وليست إدمانية.

أسأل الله لك الشفاء والعافية، وأن تتاح لك الفرصة أن تتزود بالعلم وأن تكون -إن شاء الله- من العلماء الناجحين.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً