الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواصل ليس بالمكافئ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
المشكلة هي أنه حدثت مشاكل عائلية بيننا وبين خالتي، فهي ظلمتنا ودعت علينا بدعوة سيئة، وبعد ما حصل هذا أصبحنا لا نتقبلها نفسياً، ولا نرغب بالتواصل معها، فما حكم ذلك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ع.م حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الخالة أم، وصلتها والإحسان إليها والصبر عليها مما يجلب رضوان الله ومغفرته، وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا نبي الله أذنبت ذنباً عظيماً، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: فهل عندك من أم؟ فقال الرجل: لا، قال: فهل عندك من خالة، قال: نعم، قال: فبرها).
ولا شك أن صلة الرحم لا تدوم إلا بالصبر على المرارات، ونسيان الأذى والجراحات، وقدوتنا في ذلك أنبياء الله والصالحين من عباد الله، وها هو نبي الله يوسف عليه وعلى نبينا صلاة الله وسلامه، يقول لمن رموه في البر وجعلوه يعيش حياة الرق ويدخل السجن: ((لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ))[يوسف:92]، وها هو ذا رسولنا صلى الله عليه وسلم، يقول لمن آذوه وقتلوا أحبابه وإخوانه بعد أن تمكن من رقابهم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) رعاية للرحم، ورغبة في إسلامهم، وها هو ذا صدّيق الأمة رضي الله عنه يعفو عن ابن خالته مسطح رغم وقوعه في عرض عائشة، وذلك حين ردد كلام أهل النفاق، وحلف الصديق أن لا يصله بالمساعدة، فنزل الوحي من الله: ((وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ))[النور:22]، فقال الصديق: بلى والله أنا لنحب أن يغفر الله لنا.
وأرجو أن تعلموا أن الواصل ليس بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قُطعت رحمه وصلها.
ومن هنا فنحن ندعوكم للاجتهاد في نسيان ما حصل رغبة فيما عند الله عز وجل، وخير للإنسان أن يكون مظلوماً لا ظالماً، والدعاء لا يقبل إذا كان في ظلم أو قطيعة رحم أو أثم، كما أرجو أن تنتبهوا لأسباب المشاكل، وتذكروا ما بينكم من الصلة والقرابة، واعلموا أن التحريش من عمل الشيطان، فتعوذوا بالله من شياطين الإنس والجن، واعلموا أن الإحسان خير دواء وعلاج للإنسان قال: ((ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ))[المؤمنون:96].
وهذه وصيتي للجميع بتقوى الله، ومرحباً بك في موقعك، وشكراً لكم على السؤال.
وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً