الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ذكريات مهينة من الطفولة وكيفية محوها من الذاكرة

السؤال

الدكتور / محمد عبد العليم الفاضل.

هل هناك دواء يمحو الذكريات السيئة المهينة تماماً من العقل؟ فلدي ذكريات مهينة مقززة من الطفولة، أتمنى أن تمحى من ذاكرتي.
بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Kareem حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الفاضل، إذا كنت تقصد بالدواء هي العقاقير الطبية فبالطبع لا يوجد دواء أو عقار يمسح ما في ذاكرة الإنسان وخلده، ولكن بالطبع توجد طرق أخرى وسبل أخرى لنتخلص من الذكريات والتجارب السالبة في الماضي.

أيها الأخ الكريم، أولاً: أي تجارب مهما كانت سيئة ومقززة في أثناء الطفولة أنت بالطبع لا ذنب لك فيها، ولا دخل لك فيها، وإذا كان الآخرون هم الذين أساءوا لك من ناحية المعاملة أو بأي طريقة أخرى، فأنا لا أريدك أن تستشعر مشاعر الضحية؛ لأنك في تلك الفترة لم تكن تملك المقدرة الكاملة للحكم على الأمور أو تدفع الشرور والتجارب السلبية، وإن كنت أنت قد ساهمت وأنت على درجة من الوعي في هذه التجارب السلبية فعليك بالاستغفار، وهو أمرٌ عظيم وأمر يشعر الإنسان بالطمأنينة، وإن كان هنالك ذنوبٌ قد اقترفت فإن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وخير الخطائين التوابون.

أنا أعتقد أن هذا هو أفضل دواء وهذا هو أفضل عقار...أنت تعطيني الشعور بأنك تحس بالذنب حيال أحداثٍ معينة، ولكن الذي أقوله لك: لا داعي أبداً لأن تحس بالذنب أو بالنقص، فالماضي قد ذهب والعيش فيه لا يجدي ولا يفيد، وكما قال أحدهم: لا يوجد فشل، إنما هي تجارب، نحن دائماً نقول: إن على الإنسان أن يستفيد من ماضيه أياً كان من أجل تطوير مستقبله وحاضره وهذا هو الضروري والمهم جداً.

عش حياتك الآن بقوة ومستقبلك بأمل، والتجارب السيئة في الطفولة والمقززة في الطفولة إن شاء الله تتلاشى من العقل الظاهري ومن العقل الباطني بالتدريج، وذلك بفعل الخيرات الآن، والتمتع بالخلق الحسن، ومساعدة الآخرين، فهذا هو الدواء الأفضل.

أخي، الحكم على الذكريات بأنها جميعاً سلبية هذا أمر خطأ، لا توجد ذكريات سلبية بصورة مطلقة، ربما تكون محزنة، ربما تكون قد ظُلمت فيها، ولكن هذا إن شاء الله يجعلك تستفيد منها كما ذكرت لك لتعيش حاضرك بصورةٍ أكثر إيجابية وأكثر توازناً.

إذن: عليك أن لا تفكر في الماضي بصورةٍ سلبية، أنا أعرف أن بعض الأمور قد تلتصق بعقل الإنسان بصورة مطبقة وشديدة ولا تذهب عنه، ولكن هذه الأمور التي حدثت إن كانت قد حدثت في نطاق الخصوصية والستر، فهذا أمر أيضاً يعتبر مطمئناً بعض الشيء، وإن كانت معلومة للناس فالناس تتناسى، والناس أصبحت مشغولة بأمورها للدرجة التي لا تتذكر ما يحدث للآخرين، أو لا تنشغل بهم، أرجو أن لا تكون حساساً أبداً، ونصيحتي لك أخي أيضاً إذا كنت تحس باحتقانات كثيرة حيال هذه الذكريات فلا مانع أبداً أن تتحدث عنها مع من تثق فيه من زملائك، أو أحد الذين تثق فيهم، أحد الذين يتمتعون بالحكمة ورجاحة العقل، فمن خلال الحوار يكون هنالك نوع من التفريغ النفسي، والتفريغ النفسي يفيد كثيراً في مثل هذه الحالات.

بصفة عامة أخي، لا تعتقد أن كل حياتك كانت سيئة أو كانت مظلمة، تذكر أن هنالك أيضاً أمور إيجابية كثيرة حدثت في طفولتك، وحاول أن تعيش حاضرك وتنظر بإيجابية إلى مستقبلك، أسأل الله تعالى لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً