الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى الانشغال بالدنيا عن الدين

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما هو المقصود بالانشغال بالدنيا عن الدين؟ وهل هي الأمور التي تشغلنا في الحياة العادية؟

أفيدوني في هذا الموضوع حتى لا نكون -بإذن الله- ممن شغلتهم الدنيا عن الدين!

وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رشا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن الدنيا مطيتنا إلى الآخرة كما قال شيخ المسلمين أبي ابن كعب رضي الله عنه عندما تحدث رجل عن الدنيا فحقرها ووضعها، والله سبحانه قال في كتابه: (( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ... ))[القصص:77]، والمؤمن يعمل لدنياه كأنه يعيش أبداً، ويعمل لآخرته كأنه يموت غداً، ولكنه لا يمكن الدنيا من قلبه الذي ينبغي أن يكون عامراً بحب الله وتوحيده.

أرجو أن تعلمي أن بعض الصحابة كانوا أغنياء ولكن الدنيا فشلت في أن تدخل إلى قلوبهم، وكان فيهم من يدفع الدنيا بالراحتين والصدر، وترك أبو الدرداء التجارة ليس لأن الله حرمها فهي حلال وهي من المهن التي عمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والكرام، ولكنه كان يقول أتركها لأعمل في تجارة تنجي من عذاب أليم، ومن هنا يتضح لنا أن الإسلام لا يمنع العمل والكسب والسعي، وقد قيل لسعيد بن المسيب: ما رأينا مثل دين هؤلاء، فقال: ماذا يفعلون؟ قالوا: يصلي أحدهم الظهر فلا يخرج حتى يصلي العصر، ويصلي العصر فلا يخرج حتى يصلي المغرب، وهكذا، فقال رحمه الله: (ما هذا بدين إنما الدين في السعي، فإذا قضيت الصلاة فانتشروا الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون)، وكان في السلف من يخرج من المسجد، ثم يقول: (أي رب! جئت إذ دعوتني، وصليت كما أمرتني، وانتشرت كما وجهتني، فارزقني كما وعدتني).

أرجو أن تعلمي أن المسلمة إذا أدت فرائض الله وانشغلت بعد ذلك بدراستها وبمساعدة أهلها وبالأعمال المباحة فإنها على خير، مع ضرورة أن يحتسب الإنسان كل ما يفعله ويبتغي بعمله وجه الله، وليس في الدنيا ما يمنع من البحث عن المال وتمنيه، ثم استخدامه في الصلة للأرحام ومعاونة الأيتام بعد كف النفس عن الآثام والحرام.

من هنا يتضح لنا أن الإسلام لا يمنع من العمل في الدنيا، شريطة أن لا يشغلنا ذلك عن المهمة التي خُلِقنا لأجلها، قال تعالى: (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ))[الذاريات:56]، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (أن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، ثم قال: فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، فخذوا ما حل ودعوا ما حرم عليكم) ولا بارك الله في عمل يعطل عن الصلاة أو يضيع الواجبات.

هذه وصيتي لك بتقوى الله، ومرحباً بك في موقعك، ولستِ - ولله الحمد - ممن شغلتهم الدنيا عن الدين، والدليل على ذلك هو اهتمامك وسؤالك، أما الذين شغلتهم الدنيا فهم الذين يتركون الصلاة لأجل الدنيا، ويعقون الوالدين لأجلها، ويقطعون الأرحام بسببها وهكذا، فالدنيا عندهم مقدمة على الطاعات والعبادة لله.

نسأل الله لنا ولك الثبات والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية نوو

    جزاك الله خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً