الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المشاعر الوسواسية قبل النوم

السؤال

السلام عليكم.

عند بداية النوم في الليل أشعر بأن هذا الليل هو نهايتي، وأنني سوف أموت قطعيّاً، وأعاني من هذه الحالة منذ فترة طويلة، علماً أنني سريع الغضب وقصير الصبر، وكنت شخصاً متديناً، فما نصيحتكم؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رشيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن ما يحدث لك في بداية الليل هي مجرد مشاعر وسواسية حدث لها نوع من الارتباط الشرطي، بمعنى أنها أصبحت في زمن معين وفي وقت معين، وربما في مكان معين، والوساوس عموماً تأتي تحت طائلة القلق النفسي، وبما أنك سريع الغضب وسريع الإثارة والتوتر وقليل الصبر فتعتبر مثل هذه الشخصيات قابلة وتربة خصبة للإصابة بالقلق والوساوس.

وأما الجانب الديني فأنت قلت أنك كنت شخصاً متدينا، فنسأل الله تعالى أن تكون متديناً الآن أيضاً وفي المستقبل، فالدين هو عصمة للإنسان ويجمِّل الإنسان ويرفع الكفاءة النفسية له فكن حريصاً على ذلك.

وعموماً فإنني أنصحك بأن تحقر هذه الفكرة، وحين تبدأ في النوم كن مسترخياً واقرأ شيئاً من الأشياء البسيطة والجميلة، وعليك أن تكون حريصاً على أذكار النوم، وحبذا لو توضأت وصليت ركعتين، فهذا إن شاء الله يساعد في زوال الغضب، والغضب حين يأتيك عليك باتباع السنة بأن تغير مكانك وأن تستغفر وتستعذ بالله من الشيطان الرجيم.

وأنصحك بأن تعبر عن نفسك خاصة في المواضيع التي لا ترضيك، فعبر عن نفسك أولاً بأول؛ لأن الإنسان الذي لا يفرغ عن نفسه ولا يعبر عنها يؤدي ذلك إلى بعض الاحتقانات الداخلية؛ مما يتسبب عنه الغضب، وتذكر أن الغضب ليس مقبولاً لدى الآخرين، وأنت لن تقبله أيضاً من أحد فهذا يجعلك تتراجع عن الغضب،
وهذا يتطلب التدريب كتغيير سلوكي، فطالما لا تقبل أن يغضب الآخرون في وجهك فلماذا تغضب في وجوههم؟ وداوم على الاستغفار فإن الاستغفار والصبر كقيمة إنسانية وتربوية نبيلة هو أمر جميل، فاقرأ عن قصص الصابرين وقصص الصالحين وسوف يكون في ذلك خير كثير لك.

وأيضاً عليك بممارسة الرياضة، خاصة رياضة المشي أو الجري، فالرياضة تحرق الطاقات الغضبية وطاقات الخوف والتوتر، وقد وجد أن الرياضة تساعد في إفراز مواد كيميائية معينة تعرف باسم (إنكفالنز) و(الإندرفين Endorphins) أو يسميه البعض باللغة العربية (أفيونات المخ الداخلية) فهذه المواد تساعد كثيراً في الاسترخاء وراحة النفس، فأرجو أن تكون حريصاً على ممارسة الرياضة؛ لأنها ستفيدك كثيراً في إزالة هذا التوتر والغضب، فأنت تعمل مدرساً ولا شك أنك تعلم أن وظيفة المدرس هي وظيفة جليلة وخدمة عظيمة يقدمها الإنسان، فحاول أن تركز على رسالتك هذه وأن تطورها وأن تنمي من مقدراتك، ولا مانع أن تشغل نفسك في الدخول في دراسات جديدة إضافية وتستثمر وقتك بصورة طيبة.

وعليك أيضاً أن تستعين بالرفقة والقدوة الصالحة، وكن حريصاً على الذهاب إلى المسجد متى ما كان ذلك ممكناً، واجعل لنفسك ورداً يومياً لقراءة القرآن، واقرأ وردك بتمعن وتؤدة وصبر، وأكثر من الدعاء وأكثر من الاستغفار ومن عمل الخير، وكن دائماً في جانب الضعفاء، فهذا كله يجعلك على الطريق الصواب القويم.

وسوف أصف لك علاجاً دوائيّاً يساعد في مثل حالتك، ومن أفضل الأدوية عقار يعرف باسم (سبراليكس) وهو من الأدوية الطيبة والممتازة جدّاً، ويسمى علمياً (الأيستالوبرام Escitalopram)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجراما ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى عشرين مليجراما ليلاً لمدة خمسة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى عشرة مليجراما ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناوله، وهو من الأدوية الجيدة والممتازة والسليمة والفعالة وغير إدمانية، ويساعد في إزالة الخوف وفي علاج الوساوس وكذلك يحسن المزاج.

ويمكنك الاطلاع على بعض الاستشارات التي تتعلق بوسائل تقوية الإيمان، ومنها: (258546 - 247251 - 240748)، وكذلك علاج الغضب سلوكياً: (268830 - 226699 - 268701 - 276143)، وكذلك آداب النوم: (277975).

نسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً