الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تلعثم الطفل في الكلام.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أدعو الله أن يبارك في أعمالكم وجهودكم وأن ينفعنا بعلمكم.

أنا رجل متزوج ولدي ابن ذكر يبلغ من العمر الآن سنتان وثمانية أشهر.
والمشكلة تتعلق بابني، فهو دائماً عنيد بالرغم من صغر سنه، ولا يطيع كلامي أو كلام أمه بسهولة أبداً إلا إذا أجبرته على اللجوء للشدة مثل الصوت العالي أو حتى الضرب غير المبرح، وهذا هو عيبه الوحيد، وبصراحة لست أدرى إن كان أسلوبنا معه في التربية صحيحا أم خطأ؟

المشكلة أننا استيقظنا في يوم ما لنجده بدأ يتلعثم في النطق، وهو لم يكن كذلك، فقد كان يتكلم بكل سهولة ولم يكن عنده مشكلة في الكلام أو النطق، وأنا لا أتذكر ما الذي حدث بالضبط في الليلة التي سبقت هذا الحدث، هل ضربته أو صرخت فيه قبل النوم لا أذكر؟

البعض قال لي: أنه يتصنع هذا الأمر، أو يقوم بالتمثيل، وذلك هروباً من العقاب، ولكنني لست متأكداً من هذا، فهذه الحالة ليست مرتبطة بوقت معين أو موقف معين.

أرجو سرعة الرد، فهذه المشكلة تؤلمني كثيراً كلما أشاهده، وأسمعه يتعثر في نطق أي كلمة، ولا أعرف ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مهاب محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً على تواصلك مع الشبكة الإسلامية وثقتك فيما تقدمه.

لابد أن أقول لك حقيقة بكل قوة وشدة أن منهجك في التربية ليس منهجاً صحيحاً، وذلك مع احترامي لأسلوبك وطريقتك.

أخي الكريم: الطفل لا يضرب مطلقاً في هذه السن، هذا ليس صحيحاً، وهذا لا يجوز أبداً.

التلعثم الذي حدث لولدك هو ناتج عن الذي تقوم به من شدة وتعنف حيال هذا الابن حفظه الله، هذا الابن لا يتصنع - أخي الكريم – وهو لا يعرف التصنع، هو يعيش طفولته البريئة، ولكن الذي حدث له هو ما يعرف بالانتكاسة أو التراجع النفسي لأنه يعيش تحت الرهبة والخوف.

فيا - أخي الكريم – أرجو أن أؤكد لك أن هذا المنهج وهذا الأسلوب ليس أسلوباً صحيحاً، الأسلوب الصحيح هو أن تظهر لابنك المحبة، وأن تظهر وتوصل له المودة وأن تعزز مقدراته وذلك بتشجيعه حسب ما يناسب سنه، بأن تعزز ما هو إيجابي وبأن تطمئنه وبأن تحفزه وبأن تكافئه وبأن تقبله وبأن تحتضنه.

هذه هي الأساليب التربوية البسيطة التي تجعل هذا الطفل يترك ما سميته بالعناد، أما الضرب فلا، ولابد أن يكون لك هذا المنهج – منهج المحبة والرحمة والمودة والتحفيز والتشجيع - هو الذي تطبقه والدته أيضاً. تذكر أن ولدك هو نعمة من نعم الله تعالى عليك، وتذكر أن اللطف هو المنهج التربوي السليم، الترغيب في هذه السن وليس الترهيب.

أخي الكريم: أرجو أن تذكر تماماً أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو قدوتنا في كل شيء كان يلاعب الحسن والحسين – رضي الله عنهما – وحتى في مرة من المرات (دخل عليه أعرابي ووجد الحسن والحسين -رضي الله عنهما- يركبان على ظهره صلى الله عليه وسلم فقال الأعرابي: نِعم الجمل جملكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ونعم الراكبان هما).

لا تضرب ولدك -أخي الكريم- أرجوك أن تتوقف عن ذلك، ولا تشعر بالذنب حيال ما قمت به، فهذا قد مضى، ولكن ينبغي ألا يتكرر.

التلعثم سوف ينتهي بطمأنة الطفل والابتسامة في وجهه واحتضانه وتقبيله، وأن تحاول دائماً أن تكافئه حتى بأشياء بسيطة، هذه تقوي الطفل وتحسن من دافعيته، واعلم أن الضرب خاصة الضرب في هذه السن يضعف من شخصية الطفل ويجعله يعيش تحت مظلة الرهبة والخوف، وهذا من أسوأ ومن أفظع الأشياء على النفس البشرية، فأرجو ألا تقوم بضربه.

الترغيب سوف يؤدي إلى تعديل السلوك، وهذا أمر مثبت من الناحية العلاجية، وأرجو أن تتيح له الفرصة بأن يلعب مع الأطفال الآخرين، وأرجو أن تستفيد أيضاً من الألعاب، فهنالك ألعاب تعليمية جيدة جدّاً تحفز الطفل وفي نفس الوقت تزيد من مداركه وتقوي من معارفه، فأرجو أن تلجأ إلى هذه المناهج والأساليب التربوية التي هي أكثر نفعاً.

أسأل الله تعالى أن يحفظ ولدك، وأن يجعل الخير والبركة فيه، وأنصحك ألا تضربه، وأن تعامله معاملة جيدة، معاملة الأب الحنون.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً