الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

امرأة تكره الذكور كثيراً وبدون سبب.

السؤال

السلام عليكم.
أولاً: جزاكم الله خيراً على هذا الموقع، أما بعد:
فربما ما سأكتبه ليس استشارة، ولكن أحببت الموقع وأردت مراسلته.
أما عن مشكلتي: فأنا أكره الذكور كثيراً مهما كانت أعمارهم، ولا أدري لماذا؟! (ربما ستقول أن الأب سيء، أو أقاربي الذكور، أو تعرضي لأحد المواقف هو السبب)، لكن هذا كله غير موجود.

إذ أن والدي جيد التصرف معنا، وليس هناك تفرقة بالمعاملة بين الذكور والإناث، أما أخي الوحيد فهو يعاملني أفضل مما أعامله، وكذلك الأقارب والزملاء في العمل، ولكن لا أعرف ما هو السبب، ربما عدم ثقة وليس كرهاً، حتى أنه عندما يتقدم لي أحد للزواج أرفضه؛ لأنني متأكدة بأنه سيء وسيتركني، مع العلم أنه لا يوجد أي حالة طلاق بالعائلة.
آسفة للإطالة وشكراً جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإننا نشكرك على ثقتك في موقعك الشبكة الإسلامية وثقتك فيما تقدمه، فبارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وجعلنا الله ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

الحالة التي تعانين منها وهو فقدان الثقة في الذكور أو أنه نوع من الكراهية، فبالطبع الأسباب النفسية المعروفة هي التي ذكرتها أنت وقمت بنفيها، وهي سوء العلاقة ما بين البنت والإخوان والوالد أو التعرض لتجارب سلبية كان السبب فيها الذكور، خاصة الإساءات والتحرشات الجنسية، والحمد لله تعالى أنت ليس لك أي من هذه الأسباب التي تجعلك تكرهين الذكور؛ ولذا علينا أن ننظر في الأسباب الأخرى وهي:

ربما تكون نوعاً من المفاهيم الخاطئة، فنحن كثيراً ما تكون لنا أحكام مسبقة خاطئة، وهذا يجعلنا لا نراجع أنفسنا في كثير من قراراتنا وأحكامنا على الأشياء، فما يثار كثيراً عن الشر الذي قد يجلبه الذكور للإناث قد يلتصق هذا المفهوم أيضاً بالعقل الباطني لبعض الإناث ويسبب هذه المشاعر السلبية حيال الجنس الآخر.

وفي حالتك أرى أن السبب الأقوى هو أن الفكرة أصبحت لديك في شكل قلق وسواسي، فأنت تقولين أنك ترفضين الزواج لأنك متأكدة بأن الشخص الذي سوف يتقدم لك سوف يكون إنساناً سيئاً، وسوف يتركك، فإن هذه الفكرة فكرة وسواسية أصبحت تأتيك بصورة مستمرة، وعلى ضوء هذه الفكرة أصبحت الأفكار السلبية نحو الرجال تقوى لديك؛ مما جعلك تزيدين من نفورك والتوجس والمشاعر السلبية نحو الرجال.

أرجو - أختي الكريمة - أولاً أن تنظري نظرة ثاقبة وعميقة للحياة الإنسانية، وأن تعلمي – وأنت على يقين من ذلك - أن الإنسان قد كُرّم، وأن علاقة الذكر بالأنثى هي علاقة هامة وبدونها لن تكون هنالك حياة إنسانية، وعليك أن تنظري أن الرجل هو الأب وهو الأخ وهو الابن، وعليك أن تنظري وتتأملي وتتفكري وتعلمي أنه ليس كل الرجال أشراراً، كما أن ليس كل النساء أشراراً أيضاً، بل على العكس تماماً معظم الرجال يوجد الكثير من هم دون ذلك.
وعليك أيضاً أن تُجري حواراً داخلياً مع نفسك وتقولي لنفسك أنك بمثل هذه المشاعر قد ظلمت الرجل كثيراً، وبالطبع الظلم ظلمات فيجب أن ترفعي عن نفسك هذه المشاعر، لأنك بالطبع لا تريدين أن تكوني ظالمة للآخرين، ولأنه كما يوجد في النساء من هنَّ خيّرات، فيوجد أيضاً منهنَّ الأشرار.

فيجب أن نضع الموازين في نصابها، وأن ننظر نظرة متساوية.
هنالك بعض الأمور السلوكية التي أرجو أن تطبقيها، وهي أن تقولي مع نفسك تكراراً: (لن أكره الرجل، لن أكره الرجل، أنا أثق في زوجي، أنا أثق في زوجي) كرري هذا وبجدية مائة مرة يومياً، هذه التمارين السلوكية قد تبدو بسيطة وقد تبدو مضحكة للبعض، ولكنها حقيقة ذات جدوى ومنفعة وأسس علمية.

وقومي أيضاً بتمرين آخر ومحادثة نفسك: (إن فكرة كرهي للرجال غير مؤسسة وهي حقيرة وسوف أضعها تحت قدمي)، فكرري أيضاً هذه الفكرة عدة مرات.
وربما يكون أيضاً من المفيد لك أن تتناولي أحد الأدوية التي تزيل الوساوس؛ لأنه كما ذكرت لك أنا على درجة عالية من اليقين - إن شاء الله تعالى – أن الفكرة في الأصل هي فكرة وسواسية، ويقال أن الوساوس ذات منشأ بيولوجي، بمعنى أنه توجد ما يسمى بالموصلات أو المرسلات العصبية، وهي مواد كيميائية تُفرز داخلياً في المخ، ويعرف أن الاضطراب في إفراز هذه المواد قد يؤدي إلى القلق أو التوتر أو الاكئتاب أو المخاوف أو الوساوس القهرية؛ ولذا سيكون من المنطق ومن المجدي أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للوساوس.

والعلاج الذي أنصحك بتناوله يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac) ويعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine) فأرجو أن تتناوليه بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر، وهو دواء سليم جدّاً، ولن يسبب لك - إن شاء الله تعالى – أي آثار جانبية، فقط عليك بتناوله بعد تناول الأكل لأنه في بداية العلاج قد يسبب عسراً بسيطاً في الهضم لبعض الناس.

توجد صناعة سورية محلية لهذا الدواء وهي صناعة جيدة جدّاً، إذن يمكنك الحصول على أي بديل، فقط التأكد من أن المادة الكيميائية النشطة هي الفلوكستين Fluoxetine وهو الاسم العلمي لهذا الدواء كما ذكرت لك.

أسأل الله تعالى لك التوفيق، وأسأل الله تعالى أن ينزع من قلبك ومن نفسك ومن فكرك عدم الثقة في الرجال أو هذه الكراهية لهم، وتذكري أن الرجل هو الأب وهو الأخ وهو الابن وهو العم وهو الخال، وأسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، ولابد أن تحقري هذه الفكرة السلبية نحو الزوج ونحو الزواج، فالنساء شقائق الرجال، فليس كل الرجال سيئين، وليس كل النساء سيئات، فالسيئون هم الأقلية، والخيرون هم الكثر، فمنهم الصالحون ومنهم دون ذلك، والزواج كما تعلمين - أختي الكريمة الفاضلة – هو محبة وسكينة ومودة ورحمة، وهو ميثاق غليظ، فأرجو أن توقفي هذه الأحكام المسبقة التي هي ذات طابع وسواسي كما ذكرت لك.

أسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً