الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبب حالة عبوس الوجه المفاجئ بعد الضحك وعلاجها؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.

الحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

إخوتي الأفاضل المشرفين على الموقع الرائع والمتميز! جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه، وزادكم الله بسطة في العلم وجعلكم من المهتدين والهادين إلى ما يحب ويرضى.

أما بعد: فمشكلتي التي أعاني منها متعلقة بالضحك، حيث إنني عندما أكون في احدى المواقف الاجتماعية -سواء في الثانوية أو القسم أو غيرها- ويتطلب مني ذلك الموقف أن أضحك فاني أضحك قليلاً ثم سرعان ما يبدأ وجهي بالعبوس وأحس أنني لا أستطيع التحكم في عضلات وجهي ولا أستطيع الاستمرار في الابتسامة والضحك، وتهرب الضحكة أو الابتسامة من وجهي من غير إرادة، خصوصاً عندما يكون الحديث موجهاً إلي، فبالرغم من أنني أريد أن أضحك إلا أنني لا أستطيع لأنني لا أستطيع التحكم في عضلات وجهي، وتحدث معي هذه المشكلة حتى مع الأشخاص اللذين أحبهم ويحبونني.

فأنا بطبيعتي أحب المرح والضحك كثيراً وأنا كثير الضحك، ولكن تحدث معي هذه المشكلة في هذه المواقف فقط وبسبب هذه العلة التي تبدو علي أمام الناس أبتعد عنهم؛ لأنهم عندما يرون هذه الحالة على وجهي يظنون أني غير طبيعي، وأنا ولله الحمد في كامل قواي العقلية.

فما يظهر على وجهي من هذه الأفعال اللاإرادية تقلل من شأني.

ففي المواقف خاصة التي تستدعي الضحك أجد نفسي مضطرباً وخائفاً من أن أحرج نفسي.

لكنني في المواقف الاجتماعية التي لا تستدعي الضحك أكون واثقاً من نفسي ولا تظهر علي أي أعراض.

فهل أعاني من الرهاب الاجتماعي أم ماذا؟ أم أن لدي قلقاً اجتماعياً واكتئاباً؟ لأن أحد الأعضاء قال لي بأنه قلق اجتماعي واكتئاب، وقال لي أيضاً: إن هذه المشكلة من أبسط المشاكل وعلاجها سهل جداً هذه الأيام.

للتذكير: فأنا شاب عمري (18) سنة، بدأت معي هذه المشكلة منذ دخولي إلى الثانوية، وطالما تمنيت الخلاص منها خصوصاً أنني مقبل بعد أيام قلائل على المرحلة الجامعية، فما هو الحل، وهل يوجد علاج دوائي؟

أرجو ممن لهم خبرة في هدا المجال أن يفيدوني وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنشكرك -أخي الكريم الفاضل- على كلماتك الطيبات، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من الهداة المهتدين وأن ينفع بنا جميعاً، وجزاك الله خيراً.

فإن مشكلتك حقيقة هي مشكلة بسيطة -بإذن الله تعالى-، وهي تشخص تحت ما يعرف بالمخاوف البسيطة، فهي مخاوف بسيطة وذات طابع اجتماعي، بمعنى أنه ليس لديك الرهاب أو الخوف الاجتماعي الذي نعرفه، والذي له ضوابط تشخيصية معينة، فحالتك هي حالة تحدث تحت ظرف معين وبطريقة معينة وفي وضع اجتماعي معين.

إذن نسميها بحالات القلق الخاصة في النطاق الاجتماعي، وبالتأكيد أنت لا تعاني من أي اكتئاب نفسي، مع احترامي لما ذكره لك الأخ الذي قال لك: إنك تعاني من قلق اجتماعي واكتئاب، فلا توجد أي إشارات تدل على أنك مكتئب، ولكن توجد إشارات أن لديك القلق أو الخوف الاجتماعي، ولكنه من النوع البسيط أو المبسط كما ذكرت لك.

سيكون من المفيد جدّاً لك أن تستذكر الحديث الشريف: (وتبسمك في وجه أخيك صدقة)، فعش مع هذا الحديث بكل عمق وبكل تمعن، وحاول أن تجعله شعاراً لك، وحاول أن تطبق ذلك بكثرة، فربما تجد أن الأمر في أوله ليس بالسهل أو ربما تحس بهذا القلق، ولكن بالإصرار على التطبيق وبتفهم معنى هذا الحديث العظيم وما سوف تجنيه من حسنات وأجر فسيكون دافعاً ومكافئاً لك للاستمرار.

والتمرين الآخر هو ما نسميه (السيكودراما) والذي من خلاله من تقوم بتمثيل الدور، بمعنى آخر: أن تضع نفسك في موقف يتطلب الضحك في حدود المعقول وبانضباط وتصر على نفسك أن تتفاعل مع الشخص الآخر الذي يشاركك في تمثيل الدور، وهنا لا بد أن تكون استجابتك إيجابية وتلعب دورك بصورة صحيحة، هذا التمرين يتطلب أن تقنع أحد أصدقاءك بأن يلعب معك دوراً تمثيلياً يثير الضحك فيك، أو يمكنك أن تتخيل وتقوم بتمثيل الدور وحدك، هذا التمرين يتطلب المواظبة والاستمرارية.

نأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، فهنالك -والحمد لله- أدوية متميزة لعلاج حالات القلق بصفة عامة والمخاوف خاصة، ومن أفضل الأدوية التي أود أن أصفها لك العقار الذي يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin)، ويسمى علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة شهر ونصف.

هذا الدواء سوف يفيدك كثيراً -بإذن الله تعالى-، فعليك بتناوله بالصورة الصحيحة، خاصة أنه سليم جدّاً ولا يسبب الإدمان، وعليك أيضاً بالتطبيقات السلوكية وأن تصحح مفاهيمك حيال نفسك، فهذا الأمر بسيط ويجب ألا يسبب لك شاغلاً.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً