الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انعدام الثقة بالنفس ومخاوف عامة، ما النصح الذي تقدمونه لحالتي؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من عدة مشاكل:

أشعر بعدم الثقة بنفسي عند التكلم مع الناس، وإذا كان هناك مرآة تعكس صورتي وأنا أتكلم أشعر أن منظري قبيح، وأعاني من خوف شديد من الصراصير مع أنها لا تؤذي، وأخاف من الظلام والنوم وحدي، وعندي شعور أني جبان، شخصيتي في البيت مع أهلي تختلف عن الخارج.

وأعاني من القولون العصبي، ومؤخراً لا أستطيع النوم ليلاً، كل هذه المشاكل تعيقني عن الإبداع والحفظ والتفكير بشكل جيد، علماً بأني أعاني من هذه الحالة منذ سنين، وحاولت بعدة طرق التخلص منها مثل لعب الرياضة، وإجبار نفسي بالانخراط مع الناس، وإقناع نفسي أن هذا الأمر ليس موجوداً، ولكن دون جدوى فما هو العلاج، وهل تنصحوننا بأدوية معينة؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيراً على تواصلك وثقتك في الشبكة الإسلامية.

الأعراض التي ذكرتها هي أعراض قلق نفسي، وهنالك مكون أساسي لهذا القلق النفسي وهو المخاوف بصورة عامة وتقدير الذات بصورة سلبية، أي تقدير نفسك بصورة سلبية جدّاً، ومعاناتك من القولون العصبي توضح أنه في الأساس لديك مكون قلقي، بمعنى أن نواة القلق موجودة أصلاً في شخصيتك، والقلق بصفة عامة نحن لا نعتبره مرضاً أساسياً، فالقلق هو طاقة نفسية تساعد الإنسان على التحفز وعلى الإنجاز وعلى أن يكون مثابراً ولديه الدافعية، ولكن إذا اشتد هذا القلق يتحول إلى طاقة نفسية سلبية تؤدي إلى ظهور أعراض نفسية مختلفة ومنها المخاوف.

الذي أرجوه منك هو أولاً أن تعيد إعادة تقييم نفسك، ففقدان الثقة بالنفس دائماً ناتج من التقييم السلبي للذات، فأود منك أن تتمعن في الجوانب الإيجابية في حياتك، وسوف تجد -إن شاء الله تعالى- أنها كثيرة جدّاً، وعش هذا التأمل بكل تمعن وبكل جدية وسوف تجد أنك ربما لم تكن صائباً في تقديرك لنفسك، فالتقدير السلبي هو أكبر سبب لفقدان الثقة بالنفس، فأرجو أن تعيد إعادة تقييم نفسك مرة أخرى، وانظر إلى الإيجابيات في حياتك، واتخذها محفزاً ومشجعاً ذاتياً من أجل المزيد من الإيجابيات، وهذه الإيجابيات في حياتك سوف توصلك -إن شاء الله تعالى- إلى مستوى جيد من الثقة في نفسك.

الذي أوده منك أيَضاً هو أن تنخرط في نفس العلاجات السلوكية التي تمارسها الآن، من تواصل مع الناس، ومحاولة إقناع نفسك بأن هذه المخاوف هي أمر لا يستحق الاهتمام، فعلى العكس تماماً يجب أن تحقر ويجب أن تقارن ما بينك وما بين الآخرين، وسوف تجد أن معظم الناس والغالبية العظمى منهم لا يخافون من المواقف التي تجد أنت صعوبة في مواجهتها.

كما أن تقييمك لمظهرك أعتقد أنه لا أساس له، فلا تدقق في مظهرك للدرجة التي تجعلك تظلم نفسك وتقسو عليها وتعتقد أن مظهرك غير لائق، فهذا ناتج من الحساسية النفسية المفرطة، والحمد لله أنت قد خُلِقت في أحسن تقويم والناس الآن تكيف الناس أيضاً بطباعها وأخلاقها ومسلكها، وبعد ذلك تأتي قضية المظهر، وأنت -إن شاء الله تعالى- على خير وعلى ما يرام.

واصل أيضاً العلاج عن طريق ممارسة الرياضة؛ لأن الرياضة تؤدي إلى إفرازات بيولوجية إيجابية جدّاً تقلل من القلق والخوف والتوتر.

لا بد أن تواجه مصادر الخوف، كالخوف من الصراصير، حقّر هذه الفكرة، وحاول أن تواجه هذه الصراصير، اقرأ عنها، انظر إلى صورها، وبعد ذلك اقصد أن تواجهها وحتى تقوم بمسكها بيدك، هذا ليس مستحيلاً.

يمكنك أن تسترشد بأحد الإخوة حتى يكون مساعداً علاجياً لك، بمعنى أن يقوم هذا الأخ بالقبض على الصرصور أولاً ثم بعد ذلك أنت تتبعه، هذا نوع من العلاج النفسي الجيد جدّاً.

يجب أن تكون لديك الرغبة والجدية في التطبيق، وهذا هو المحك الأساسي لنجاح مثل هذه العلاجات.

يوجد بعد ذلك العلاج الدوائي، وأبشرك بأنه توجد أدوية ممتازة وفعالة جدّاً، والدواء الذي أنصحك بتناوله يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، هو حقيقة مضاد في الأصل للاكتئاب، ولكنه وجد أنه مضاد فعال للقلق ومضاد للمخاوف بكل أنواعها، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة، وقوة الحبة هي خمسون مليجراماً، تناولها ليلاً بعد الأكل يومياً لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين (مائة مليجرام) في اليوم، واستمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك يمكنك أن تتوقف عن الدواء.

هذا هو الدواء الرئيسي، ويوجد دواء آخر مساعد، وهذا الدواء المساعد يدعم من فعالية الزولفت، وهو أيضاً مضاد للقلق ويسمى باسم (دينكسيت Deanxit)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة في الصباح لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله.

إن شاء الله تعالى بتطبيقك للعلاجات السلوكية والتي أنت على دراية تامة بها، وتناول الدواء بالتزام قاطع، وتحقير فكرة الخوف، وإعادة تقييم نفسك بصورة إيجابية، سوف تؤدي إلى رفع معدل صحتك النفسية واختفاء كل هذه الأعراض التي تعاني منها.

ويمكنك الاستفادة من هذه الاستشارات حول العلاج السلوكي لقلة الثقة: (265851 - 259418 - 269678 - 254892) والمخاوف: (262026 - 262698 - 263579 - 265121).

أسأل الله لك التوفيق والسداد والصحة والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً